للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- التحاكم إلى الشرع، فقد أمر اللَّه بالتحاكم إلى كتابه فقال سبحانه {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] وقال تعالى {وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨)} [النور: ٤٧ - ٤٨]، وقوله تعالى {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ} [النساء: ٦٠] فهذه آيات صريحة على وجوب التحاكم إلى الشريعة، ولو لم يكن في الشريعة إلزام ومنع وفرض لما كان للتحاكم أي معنى؟ فيتحاكمون لأي شيء ما دام أن حكمه غير ملزم؟

وقد قال اللَّه تعالى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] فالمؤمن ليس له خيار في الالتزام بالشريعة وأحكامها، كيف توفق بين الإيمان بهذه الآية وبين القول بأنه لا إلزام في الشريعة؟ كيف لا يكون له خيار، لكنه في نفس الوقت ليس ملزمًا؟! هذه معادلة معقّدة جدًا!

- الجهاد في سبيل اللَّه، ففي نصوص القرآن والسنة وسيرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وسيرة خلفائه الراشدين وأصحابه الكرام ما هو شائع مشهور، فإذا لم يكن في الشريعة إلزام فعلى أي شيء كان كل هذا الجهد والجهاد؟

حتى على التفسير العصري المحدث القائل إن الجهاد في الإسلام كان لردّ العدوان ولدفع المعتدي فقط، فحتى على هذا التفسير يبقى موضوع الإلزام مشكلًا، لأن الصحابة في جهادهم لم يكتفوا بدفع العدوان وتسليم البلد لأهلها ثم عادوا إلى بلادهم، بل حكموا البلد بالإسلام وأقاموا شعائره وألزموهم بنظام الإسلام، فهل كانوا دعاةً إلى الإسلام نشروا شعائره في الخافقين أم أنهم كانوا يغرسون النفاق في جذور المجتمع من حيث لا يشعرون؟

<<  <  ج: ص:  >  >>