وبها] قال ابن سريج وطائفة، كما قال الماوردي-: أنهما يثبتان، وفي غرم الشهود إذا رجعوا قولان.
قال البندنيجي: وبهذا قال شيوخ أصحابنا.
ولفظ ابن الصباغ: أكثر أصحابنا.
ولم يحك الفوراني والإمام هنا غيرها، وهي التي صححها البغوي.
والثانية- وبها قال أكثرهم، كما قال الماوردي: أنه لا غرم هنا على الشهود قولا واحدًا، وإن كان في غرم المقر بالغصب قولان.
والفرق: أن للغاصب يدًا صار بها ضامنا، وليس للشهود يد يضمنون بها، فافترقا.
ولا فرق عند الأصحاب- كما قال في ((البحر))، وبه صرح الفوراني، والبغوي- بين الدين والعين فيما ذكرناه.
وفي ((الحاوي)): أن الطريقين في العين، أما الدين إذا وقع الرجوع عن الشهادة به بعد قضائه، فإن كان المقبوض تالفا فعلى الشهود غرمه، لتلف العين بالاستهلاك، ولا يجوز للشهود أن يدعوا به على المشهود له، لما سبق من اعترافهم له بالحق.
وإن كان باقيا في يد المشهود له، فقد اختلف أصحابنا: هل يكون في حكم العين، أو في حكم الدين المستهلك على وجهين.
وكذا لا فرق فيما ذكرناه من إيجاب الغرم بين أن يقول الشهود: تعمدنا الكذب أو أخطأنا، لأن ضمان الأموال لا يختلف بالعمد والخطأ.
ولا خلاف في أن المشهود عليه لو لم يؤد الدين لا يرجع على الشهود، وإنما يرجع عليهم بعد الغرم- قاله القاضي الحسين وغيره- لأن هذا ضمان حيلولة، بدليل أن المشهود له لو أقر للمشهود عليه بذلك رجع الشهود بما غرموه، ولا حيلولة قبل الغرم.
ثم اعلم أن على القول بالغرم فروعًا:
منها: القيمة بأي وقت تعتبر؟ فيه وجهان في ((الحاوي)) وغيره:
أحدهما: وقت الحكم، وهو قول ابن سريج.