للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعفتها، فلو قذفها قاذف من بعد، لم يحد، لكما الشهادة بالزنى، وسقوط الحد بالشبهة.

قال: وإن شهد أحدهما: أنه قذفه بالعجمية، وشهد الآخر أنه قذفه بالعربية، أو شهد أحدهما أنه قذفه يوم السبت، وشهد الآخر أنه قذفه يوم الأحد- لم يثبت القذف، لأنهما لم يتفقا على قذف واحد، لأن القذف بالعجمية غير القذف بالعربية، والقذف [في] يوم السبت غير القذف [في] يوم الأحد، فأشبه ما لو شهد شاهد أنه عقد عقد النكاح على فلانة يوم الأحد، وآخر أنه عقد عليها يوم الاثنين، وقد وافق الخصم- وهو أبو حنيفة- على عدم التلفيق فيها.

وهكذا القول لو شهد أحدهما أنه قذفه بمكان كذا، وشهد الآخر أنه قذفه بمكان آخر، أو شهد أحدهما أنه قذف بزناه بزينب، وشهد الآخر [أنه قذفه بزناه بعمرة، أو شهد أحدهما: أنه قال له: زنيت، وشهد الآخر]: أنه قال له: يا زاني، قاله الماوردي في كتاب اللعان، والأخير شبيه بما قاله القاضي أبو الطيب في كتاب الوكالة: أنه لو شهد شاهد بأنه قال لزيد: وكلتك في كذا، وقال الآخر: أشهد أنه قال: أذنت لك في التصرف-[لم تثبت الوكالة، لأن العقد بقوله: وكلتك غير العقد بقوله: أذنت له في التصرف]، فلم تتفق شهادتهما على عقد واحد.

قال: وكذلك إذا شهد أحدهما أنه قال: جعلتك وكيلًا، وقال الآخر: أشهد أنه قال: جعلتك جريًا- والجري: الوكيل- بخلاف ما لو شهد أحدهما: أنه وكله في التصرف، وشهد الآخر: أنه أذن له في التصرف، فإن الوكالة تثبت، لأنهما لم يحكيا لفظ العقد، واختلافهما في أداء اللفظ لا يؤثر في الشهادة.

لكن في ((أدب القضاء)) لابن أبي الدم: أن ابن القاص حكى عن ابن سريج أنه قال تخريجًا على مذهب الشافعي فيما إذا شهد أحدهما: أنه جعله وكيلًا في هذه الخصومة، وآخر: أنه جعله وصيًا في هذه الخصومة في حياته، أو أحدهما: أنه وكله بقبض المال، والآخر: أنه سلطه عليه- أنه ينظر:

<<  <  ج: ص:  >  >>