للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام: إن فرعنا على ما قاله المزني ففيه الخلاف فيما إذا مات بعض البطن الأول في وقف الترتيب، وقد حلف الكل، هل يحتاج الباقون إلى التجديد؟ فإن فرعنا على النص، فلا حاجة إلى التجديد، فيقدر أن المولود لم يكن.

ولو مات الولد بعد بلوغه ونكوله، لم يستحق ورثته شيئًا من الغلة الموقوفة، لأنه أبطل حقه منها، ويكون حكمها ما تقدم.

وقد ألحق الشيخ أبو حامد والقاضي أبو الطيب بهذه الصورة ما إذا كان لأحدهم ولد صغير حالة دعواهم الوقف.

قال ابن الصباغ: وليس بصحيح، لأنا قد ذكرنا في المسألة قبلها إذا كانوا ثلاثة بالغين، فحلف اثنان، وامتنع الثالث- كان نصيبه مقسومًا بين الورثة بعد قضاء الدين منه والوصية، ولا فرق بين البالغ الممتنع وبين الصغير إذا امتنع بعد بلوغه، ويفارق ما نص عليه في الولد الحادث، لأن بأيمان الثلاثة مع شاهدهم حكمنا بأن جميع الدار وقف، فلا يبطل ذلك بامتناع من حدث، وفي الموجود لا يمكن الحكم بوقف جميعه بيمين بعض الموقوف عليهم، وعلى هذا يكون الحكم كما ذكرنا في نكول أحد الإخوة، صرح به الماوردي.

قال: وما لا يقصد به المال، أي: وهو مما يطلع عليه الرجال: كالنكاح والطلاق، والعتاق، والنسب، والولاء، والوكالة، والوصية إليه، وقتل العمد- الذي يقصد به القصاص، وسائر الحدود غير حد الزنى- لا يقبل فيه إلا شاهدان ذكران، لأن الله تعالى نص في الشهادة سوى الأموال على الرجال دون النساء في ثلاثة مواضع: في الطلاق، والرجعة، والوصية، فقال تعالى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق:٢]، وقال تعالى: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة:١٠٦]، قوال صلّى الله عليه وسلّم: ((لا نكاح إلى بولي مرشد وشاهدي عدل))، فنص الله تعالى ورسوله صلّى الله عليه وسلّم على شهادة الرجال، فلم يجز أن يقبل فيها شهادة النساء، كالزنى.

وأيضًا فقد روى مالك عن عقيل عن ابن شهاب، قال: مضت السنة من

<<  <  ج: ص:  >  >>