للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: لأنه بامتناعه عن اليمين قد رد الوقف وإذا بطل في حقه، عاد إليهم، كذا قاله ابن الصباغ.

وحكى الرافعي [و] غيره جوابين.

أحدهما: أن صورة النص إذا شرط الواقف شركة من يحدث إن رغب في الوقف، ولم يرده، فإذا لم يحلف مع الشاهد كأنه رده.

فإن أطلق فقد حكى الشيخ أبو حاتم القزويني: أنه لا يعود إليهم، ويكون وقفًا قد تعذر مصرفه، وبه أجاب ابن كج.

وعن آخرين أنه يعود إليهم، وهو الأشهر.

قلت: وهذا منطبق على قول أبي الفياض البصري الذي حكيناه من قبل.

والثاني: أن الواقف جعل الثلاثة أصلًا في الاستحقاق، ثم أدخل من يحدث على سبيل العول، فإذا سقط الداخل فالقسمة على الأصول كما كانت.

وشبهه في ((التهذيب)) بما إذا مات إنسان على ألف، وجاء ثلاثة، وادعى كل واحد ألفًا على الميت، وأقام شاهدًا واحدًا، فإن حلفوا معه فالألف بينهم، وإن حلف اثنان فهو لهما، وإن حلف واحد فهو لذلك الواحد.

لكن قال الإمام: إن المزني لا يسلم المسألة، ويقول: ليس لصاحب الدين الأول إذا لم يحلف الثاني- أي: إذا اعترف بدينه- إلا أخذ حصته. نعم، لو أبرأ الثاني، كان للأول أخذ الجميع، لأن الثاني بطل حقه، والنكول لا يبطل الحق، ألا ترى أنه لو [لم يحلف] مع الشاهد، ثم أتم البينة، سمعت وحكم بها.

وكيفما قدر الجواب، فالظاهر عند الأصحاب موافقة النص.

ورأى الإمام: أن يجعل ما أعرض به المزني قولًا مخرجًا له، واستحسنه، وإذا قيل به، فنصيب المولود وقف تعذر مصرفه، فيجئ فيه الخلاف السابق.

ويجيء مما ذكرناه عن بعض البصريين من قبل وجهًا هاهنا-: أنه لا يصرف نصيب الصغير إليهم إذا كان الوقف مطلقًا كما تقدم.

ولو مات المولود قبل بلوغه، أو بعده وقبل النكول، قام وارثه مقامه، فيحلف، ويستحق الغلة الموقوفة دون ما يحدث بعد موته، فإنه يكون لأبيه وعميه، وهل يحتاجون إلى اليمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>