للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل يقوم التراب مقام الشمس؟ المشهور: لا. وقيل: نعم، وحكاه الفوراني.

ورأيت فيما وقفت عليه من "النهاية" حكايته عنه في الثوب إذا قلنا: إن الشمس والريح تؤثر في الصلاة فيه، وقال: إنه في نهاية البعد.

وقد أفهم قول الشيخ: "وذهب أثرها"، أن المسألة مصورة بما إذا كان للنجاسة أثر، مثل: أن تكون مائعة، أو جامدة وهي رطبة، فأزال عينها، وذهب أثرها بالشمس والريح، وكذلك صوَّرها البندنيجي في باب التيمم وغيره، وقال: إن النجاسة لو كانت جامدة واستهلكت في الأرض: كعظام الموتى، وجلودهم، والسرجين، والعذرة- فلا تطهر بالشمس والريح قولاً واحداً، بل لا تطهر بصب الماء عليها وإن كوثر، وطريق تطهيرها قلع التراب حتى يتحقق أنه لم يبق من النجاسة شيءٌ بحال، أو يطيّن المكان بطين طاهر؛ فيكون حائلاً دون النجاسة.

والمراوزة حكوا فيما إذا قلبت الأرض الأعيان إلى طبعها في الطهارة وجهين.

والأثر الذي تجوز الصلاة عند زواله على القديم هو الطعم، واللون، والرائحة؛ كما قاله البندنيجي وغيره.

وعلى القولين معاً: الأرض محكوم بنجاستها كما تقدم في الخف، ولا يجوز التيمم بترابها، والقاضي الحسين قال: إنَّا هل نحكم بطهارتها أم لا؟ فيه قولان، فإذا قلنا: تطهر، فهل تطهر ظاهراً وباطناً، أو ظاهراً فقط؟ فيه قولان.

وقضية ذلك: أن يجوز التيمم بترابها، وقد حكاه الجيلي وجهاً في المسألة، والمشهور الأول، وهو المنصوص في "الإملاء"، وقد وافق عليه الخصم، وهو أبو حنيفة.

فرع: إذا قلنا: إن الشمس والريح تطهران فالنار بذلك أولى، وإلا فوجهان؛ لأن النار أقوى.

قال القاضي الحسين: وعلى هذين الوجهين السماد وعظام الميتات، هل نحكم بطهارته أم لا؟ الذي ذهب [إليه أبو] زيد المروزي والخضري: طهارته.

والصحيح: أنا لا نحكم بالطهارة؛ لأن عين النجاسة قائمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>