للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاضي الحسين-: ولو شك في أرض، فأشرقت عليها الشمس، ومضى عليها أزمانٌ- جاز أن يصلي عليها، ولا يتيمم بترابها.

والثاني: لا يجزئه؛ كما لو صلى في ثوب وقع عليه بول وجفَّ أثره بالشمس والريح، وهذا هو الجديد.

قال بعضهم: وهو الجاري على أصل الشافعي- رضي الله عنه- إذ ليس المقصود من طهارة الحدث: الإزالة فحسب، وأنه لو وقعت قطرة من الدم على شيء صقيل منحدر، ووالى عليها بدفع ماء الورد، لم يحكم بطهارته ما لم يستعمل الماء، مع القطع بزوال عين النجاسة وأثرها، ولا يسمع أحد بطهارتها ممن ينتحل مذهب الشافعي- رضي الله عنه- وفارق طهارة الخمر بالاستحالة؛ فإنها تنجست بالاستحالة، وطهرت بها، وهذه نجاسة بالملاقاة؛ فلا تطهر بالاستحالة؛ كما لو فضخ الدِّبْس النجس ناطفاً أو جعل منه خلا، وهذا القول هو الصحيح بالاتفاق، ولم يحك الجمهور غيره، بل قال الماوردي: إن الأول حكاه ابن جرير الطبري عن نص الشافعي في القديم، ولا يعرف له.

وقال البندنيجي في كتاب التيمم: إن من الأصحاب من نفاه، وقال: ما قاله في القديم من الحكم بطهارته، فإنما هو إذا مضت عليه السنون.

وإذا كان كذلك، فمياه الأمطار تطهره، والرياح تسفي عليه التراب، فتغطيه، فكيف يحكم بطهارته بالشمس؟! ولا يختلف مذهبه أن النار لا تطهر شيئاً.

والقولان جاريان- كما قال القاضي الحسين- فيما لو استنجى بحجر، وزالت النجاسة عنه بالشمس والريح، فإنه قال في "الإملاء": لو استنجى بالحجر، وألقاه في مَضْحَاة حتى جف وتناثرت منه النجاسة، جاز أن يستنجي به. وقال في الاستنجاء: ولا يمسح بحجر قد مسح به مرة، إلا أن يكون قد طهر بالماء. فحصل فيه قولان.

وقال الإمام- حكاية عن الأصحاب-: إنهما يجريان في الثوب أيضاً. وهو بعيد؛ لأن للتراب قوة محيلة تحيل الأشياء إلى صفته، بخلاف الثوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>