قال الإمام: أما إذا فرضت عقود مترتبة؛ بأن استأجر صاحب النصف القاسم على تمييز حصته، ثم استأجره صاحب الثلث على تمييز حصته، ثم استأجره صاحب السدس على تمييز حصته- ففيه سؤال أبداه القاضي الحسين في صحة إجارة الأجير؛ لأن الأولين [لما] استأجراه لإفراز نصيبهما [صار إفراز نصيبه مستحقاً- أيضاً- عليه؛ إذ لا يمكن إفراز نصيبهما] إلا بإفراز نصيبه، فإذا استأجره صادفت الإجارة عملاً مستحقاً عليه لغيره؛ فأشبه الإجارة على الإجارة. وأجاب عنه بأن إفراز النصيبين من غير عمل في نصيب الثالث بالمساحة والتخطي لأجلها، وإدخال اسمه في البنادق والقرعة- مما لا يتأتى، وهذه الأعمال غير مستحقة عليه بإجارة شريكيه؛ فيقع استئجار الثالث عليها.
قال الإمام: وهذا لا يدرأ الإشكال، وسبيل الجواب: أن استئجار الأولين لا يتم الغرض منه ما لم يستأجر الثالث؛ فإن هذا مفروض في غير الإجبار، وكيف يتأتى التمييز إلا بالتصرف في جهة الثالث، ولامتناع التصرف في ملك الغير إلا برضاه، ولو فرضت الكلام في حالة الإجبار من جهة السلطان فهو ينزل المؤنة عليهم على اجتماع- كما تقدم- فليس مما نحن فيه.
نعم، المشكل في غير صورة الإجبار- أن كل واحد من استئجار الأول والثاني بعيد عن التصرف؛ فإن القسمة من ضرورتها بسط العمل على الحصص؛ فكما أن الملك قبل القسمة غير متميز فعمل القسام غير متميز، وحينئذ فانفراد بعض الشركاء بالاستئجار على تمييز حصته باطل.
ولو أراد أن يستأجر؛ ليغرم تمام الأجرة عن الكل: فإن لم يرضوا فكذلك؛ لما ذكرناه. وإن رضوا فهو متبرع عليهم، موكل عنهم في الاستئجار، فيصح؛ كما لو وكل الجميع وكيلاً في الاستئجار عنهم بتفاوت في الأجرة، ففعل ذلك في عقد واحد؛ فإن عمله استحق دفعة واحدة لهم، وغايته تخيل شيوع في