للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باختلاف الأنصباء، وإن كان العمل لا يتميز؛ ألا ترى أن الشريكين إذا استأجرا راعياً؛ ليرعى لهما مائة شاة بينهما، ولأحدهما عشرها- فإن الأجرة تكون على الأنصباء، وإن كان حفظ العشر منها لا يحصل إلا بحفظ الجميع ومراعاته؟ كذا قاله أبو الطيب.

وليعلم أن المسألة مصورة بصورتين:

إحداهما: أن يكون الحاكم قد أمر بالقسمة، ولم يسم للقاسم شيئاً؛ فإن أجرة المثل- كما قال الماوردي، وصاحب "البحر"- واجبة [له] عليهم، وفي هذه الحالة لو تولى القسمة اثنان، استحق كل منهما أجرة مثله.

وفي معنى هذه الصورة: ما إذا دعا الشركاء القاسم إلى القسمة، ولم يسموا [له] أجراً، وقلنا باستحقاقه الأجرة إما على وجه مطلقاً، أو على وجه إن كان القاسم ممن يأخذ الأجرة، دون ما إذا كان لا يأخذها؛ كما حكاه الماوردي.

الثانية: أن يستأجره الشركاء بعقد واحد بأجرة مطلقة، فيستحقها عليهم، وهذه الصورة أوردها العراقيون والمراوزة.

ولو كان المستأجر فيها على القسمة اثنين استحقا المسمى لا غير، وفي كيفية اقتسامهما إياه وجهان في "الحاوي".

أحدهما: [أنه] يقسم نصفين؛ اعتباراً بالعدد.

والثاني: أنه يقسم على قدر أجرة مثليهما؛ اعتباراً بالعمل.

ولو استأجر كل واحد منهم القاسم في حقه خاصة دون شركائه، قال الماوردي، والبندنيجي، وابن الصباغ، وغيرهم: فهذا جائز، ويختص كل واحد منهم بإلزام ما سماه، ولا فرق بين أن يتساووا أو يتفاضلوا، وهذا مما لا خلاف فيه عندنا، وعليه نص الشافعي.

وفي "النهاية" أن هذا ظاهر فيما إذا فرض اجتماعهم على الاستئجار؛ قال الرافعي: بأن [قالوا:] استأجرناك؛ لتقسم بيننا كذا بدينار على فلان، ودينارين على فلان،

<<  <  ج: ص:  >  >>