عاقلاً، عدلاً- لأن هذه ولاية من جهته، ومن لم يتصف بذلك فليس بأهل للولايات- عالماً بالقسمة، [أي: لمعرفته بالحساب والمساحة؛ لأنهما آلة القسمة] كما أن الفقه آلة القضاء.
واعتبر الماوردي والبغوي في هذا الباب وراء ذلك: أن يكون قليل الطمع نزيه النفس؛ حتى لا يرتشي فيما يلي ويخون.
وقال الماوردي وغيره عند الكلام في صفة كاتب القاضي: إن الشافعي قال: والقاسم في صفة الكاتب، عالم بالحساب، لا يخدع. ثم قال: وهذا صحيح؛ لأن القاسم أمين الحاكم؛ فوجب أن يكون على صفات الكاتب في من العدالة، والأمانة، واستكمال الأوصاف الأربعة، أي: المذكورة ثم.
ونزيد عليها: أن يكون عارفاً بالحساب والمساحة، وأن يكون عارفاً بالقيم؛ فإن خفيت عليه القيمة؛ لاختلاف الأجناس المقومة، لم يكن ذلك تقصيراً في صنعته، ورجع الحاكم في التقويم إلى غيره.
والقاضي أبو الطيب والبندنيجي قالا: يستحب أن يكون عارفاً بذلك، جاز، ويسأل مقومين عدلين عن قيمة ما يقسمه إذا أراد أن يقسم. وتبعهما في ذلك ابن الصباغ.
وفي "تعليق" القاضي الحسين حكاية وجهين في احتياج القاسم إلى معرفة ذلك، حكاهما الرافعي عن رواية أبي الفرج الزاز.
وقد استغنى الشيخ وغيره عن التصريح باشتراط الذكورة وإن كانت معتبرة- كما صرح به الرافعي- بإطلاق ما ذكروه؛ [فإن المفهوم منه الذكورة]؛ على أن في بعض النسخ ذكرها.
أما الشركاء إذا أرادوا أن ينصبوا من يقسم بينهم:
فإن لم يجعلوه حكماً في ذلك، بل وكيلاً، جاز أن يكون عبداً، وفاسقاً؛ كما صرح به البندنيجي، والقاضي أبو الطيب، وابن الصباغ، وأفهمه كلام الماوردي.