[وقيل فيه] قول مخرج من التحكيم: أنه لا يعتبر التراضي؛ لأن القاسم مجتهد في تعديل السهام والإقراع؛ فلزم الرضا بعد قرعته؛ كالحاكم، وهذا مفرع على القول الصحيح الذي جزم به المعظم في جواز التحكيم في الإقراع.
أما إذا كانوا قد نصبوا من يقسم بينهم وكيلاً [عنهم]، فلا تلزم قسمته إلا بالتراضي بعد إخراج القرعة جزماً؛ صرح به القاضي أبو الطيب، وتبعه ابن الصباغ، وسنذكره ثانياً؛ لغرض فيه.
قال: وإن ترافعوا إلى الحاكم، فنصب من يقسم [بينهم]- أي: قسمة هو مجبر فيها- لزم ذلك بإخراج القرعة؛ لأن به يحصل مقصود الإجبار، ولأنه لما لم يعتبر التراضي في ابتدائها، لم يعتبر في انتهائها. ولأن قرعة القاسم من جهة الحاكم كحكم الحاكم الصادر عن الاجتهاد، ومن هذا الوجه ألحق الشافعي القاسم بالحاكم حيث قال:"القسام حكام"؛ كما قاله القاضي أبو الطيب، والحسين، وابن الصباغ.
والبندنيجي قال: إنه أراد تشبيهه بالحاكم من هذا الوجه وفي اشتراط العدالة، لا في جميع الصفات.
وفي "الحاوي" أنه إنما قال: "إنهم حكام"؛ لأمرين:
أحدهما: أنهم يوقعون القسمة جبراً؛ كما يجبر الحاكم في الأحكام. وهو راجع إلى ما قاله الأولون.
والثاني: أنهم يستوفون الحقوق لأربابها كاستيفاء الحاكم.
وفي "النهاية" أنا إذا قلنا: [إن] القسمة الجبرية بيع؛ فلا يبعد أن يجبر كل واحد على أن يقول: بعت مالي في نصيبك بمالك في نصيبي. ثم قال: وهذا لم يشترطه أحد من الأصحاب.
قال: ولا يجوز للحاكم أن ينصب للقسمة إلا حراً- أي: كامل الحرية- بالغاً،