قال: وإن اختلف رجلان، فقال أحدهما:[قد] حكم لي الحاكم [بكذا]، وأنكر الآخر، فقال الحاكم: حكمت، أي: وهو في محل ولايته باق عليها- قبل قوله وحده؛ لأنه قادر على الإنشاء، [ومن قدر على الإنشاء قدر] على الإقرار كالزوج لما قدر على إنشاء الطلاق قدر على الإقرار به.
قال القاضي حسين:[حتى] لو قال: قضيت على أهل [هذه] البلدة بأن نساءهم طوالق وعبيدهم أحرار، قبل قوله ونفذ حكمه.
وهذا إذا صرح بأن الحكم وقع بالبينة، أو بإقرار الخصم، أو بنكوله واليمين، [أو أطلق] الحكم.
ولا يحوج القاضي إلى إثبات ما قام عنده من حجة بينة، وإن منعنا القضاء بالعلم، وهذا متفق عليه. ولو أحوج إلى البينة، فعند من يقيمها؟
نعم، [لو] قال: حكمت عليه بعلمي، فذاك ينبني على أن القضاء بالعلم هل يسوغ؟ فإن قلنا: نعم، فالحكم كما تقدم، وإلا فلا يقبل إقراره، ولا يلزم المقضي عليه ما قضى به، كذا صرح به القاضي أبو الطيب والبندنيجي وابن الصباغ وغيرهم.
[فإن] قيل: قد قلتم: [إن ما يسوغ فيه الاجتهاد إذا اتصل بحكم الحاكم لا ينقض، والقضاء بالعلم] مما يسوغ فيه الاجتهاد؛ فينبغي إذا اتصل بالحكم ألا ينقض.
قيل: من يقول بأنه يسوغ له أن يقضي بعلمه، لم يجعل العلم حجة؛ فصار كما لو قال: حكمت من غير مستند وبغير حجة. لا ينفذ وإن كان في [محل] الاجتهاد، بخلاف المواضع المختلف فيها.