وهذا الضرب من القياس أقرب وجوه القياس إلى النصوص؛ لدخول فروعها في النصوص، ولم يختلف أصحابنا في جواز تخصيص العموم [به]، وإن اختلفوا في جواز النسخ به على وجهين:
أحدهما- وهو قول الأكثرين-: أنه لا يجوز.
ومقابله منسوب إلى أبي علي بن أبي هريرة، قال الماوردي: وقد حكاه عن بعض من تقدمه.
والضرب الثاني: ما عرف معناه من ظاهر النص بغير استدلال، لكن يجوز أن يرد البعيد فيه، بخلاف أصله، وذلك كنهيه صلى الله عليه وسلم عن التضحية بالعوراء البين عورها، والعرجاء [البين عرجها؛ فكذلك العمياء والقطعاء قياساً عليهما، وإن جاز أن يرد البعيد بتحريم العوراء أو العوجاء] وإباحة العمياء والقطعاء، وكنهيه صلى الله عليه وسلم عن أن يلبس المحرم ثوباً مسه ورس أو زعفران، فكان العنبر والمسك قياساً عليهما.
وهذا الضرب يجوز تخصيص العموم به، ولا يجوز به النسخ بوفاق أصحابنا، لجواز ورود البعيد في الفرع، بخلاف أصله.
وفي "تعليق" البندنيجي أن بعض أصحابنا قال: لا يجوز أن يرد الشرع في هذا بخلاف الأصل.
والضرب الثالث: ما عرف معناه من ظاهر النص باستدلال ظاهر يعرف بأدنى نظر؛ كقوله تعالى في زنى الإماء:{فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ}[النساء: ٢٥] فجعل حدهن نصف حد الحرائر، ولم يكن المعنى فيهن إلا نقصهن بالرق، فكان العبيد قياساً عليهن في تنصيف الحد إذا زنوا لنقصهم بالرق، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم:"من أعتق شركاً له في عبد وكان موسراً، قوم عليه"؛ فكانت