مشهوراً بين الناس بما يتميز [به] عن غيره، فلا يحتاج إلى الإعادة وجوباً، ولكنه يستحب، ويجب في المجهول غير المشهور. وقال: إنه أصح.
وكلام الإمام مصرح بأنه إذا لم يمكن تحصيل الغرض في الغيبة فلا بد من الإعلان.
ثم اعلم أن ظاهر كلام الشيخ والشافعي- رضي الله عنهما- يقتضي إعادة التزكية، وقد صرح أبو الطيب والماوردي والبندنيجي وغيرهم بأن المراد من التعديل علانية: أن يجمع بين المزكي والمعدلين، ويقول للمزكي: هؤلاء هم الذين سألت عنهم وزكيتهم، فيقول: نعم، أو نحوه.
قال القاضي الحسين: ويشترط في التزكية سؤال الحاكم عنها، فلو عدل المزكي من غير سؤال فالقاضي لا يصغي لقوله؛ لأن التعديل حسبة لا يسمع.
وفي هذه الحالة- أعني حالة العود بالتعديل- يسوغ للحاكم الحكم إذا لم يتحقق عنده الجرح، وينبغي أن يعرف المشهود عليه ثبوت الحق بتعديلهم، فإن زعم أنه يمكنه جرحهم كان [الأمر] كما تقدم في الكتاب من قبل، ولو تحقق عنده الجرح بالتسامع، قال الإمام: فالرأي الذي يجب القطع [به] أنه لا يقضي بالشهادة؛ لأن ما تحققه بالتسامع أقل مراتبه أن يقتضي وقفاً، والقاضي قد يتوقف لريبة كما ذكرنا.
ولا يسوغ للحاكم عندنا بمجرد شهادة المجهولين أن يحمك بما شهدوا به قبل البحث، سواء كان المشهود به حدّاً أو مالاً، وطلب المشهود عليه البحث عن عدالتهم أو سكت؛ لقوله تعالى:{فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ}[البقرة: ٢٨٢]، والمجهول غير مرضي ما لم يبحث عن عدالته الباطنة، وقد روى سلمان [عن حريث]: "أَنَّ رَجُلاً شَهِدَ عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ أَعْرِفُكَ، وَلَا