وحكى صاحب "الحاوي" في كتاب الشهادات وجهاً: أنه لا يقنع بقوله: إني مسلم، حتى يختبر بالإتيان بالشهادتين. وهذا قد يشهد له ما رُوِيَ أَنَّ أَعْرَابِيّاً شَهِدَ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ [اللهِ؟ قَالَ]: نَعَمْ. فَأَمَرَ النَّاسَ بِالصِّيَامِ".
قال الأصحاب: ولا يعمل في الإسلام بظاهر الدار من غير سؤال، بخلاف اللقيط؛ لأن هذا يتعلق به إيجاب حق على غيره؛ فاحتيط فيه.
وفي "الحاوي" في [كتاب] الشهادات حكاية وجه آخر: أنه إذا شوهد في دار الإسلام على قديم العهد وحديثه، يحكم بإسلامه في الظاهر والباطن، ولا يسأل.
قال: وإن جهل حريتهم، أي: وادعوها، لم تقبل إلا ببينة؛ لأن العبد لا يملك الحرية فلا يقبل قوله فيها. وقيل: يرجع فيها إليهم أيضاً؛ كالإسلام.
قال في "المهذب": وهو ظاهر النص، أي: المنقول في كتاب الشهادات؛ فإنه قال [فيه]: ولا يقبل الشاهد حتى يثبت عنده بخبر منه أو ببينة أنه حر، ووجهه: أن الظاهر من الدار حرية أهلها؛ كما أن الظاهر من الدار [إسلام أهلها].
والأول أظهر في "المهذب" و"الحاوي" وغيرهما.
قال في "الحاوي": وقد اختلف أصحابنا في مراد الشافعي بقوله: ولا يقبل الشاهد .. إلى آخره، على وجهين:
أحدهما: لا يسمع الشهادة حتى يعلم حرية الشاهد وإسلامه فيسمعها، ثم يسأل عن العدالة؛ لظهور الحرية والإسلام وخفاء العدالة.
والثاني: لا يحكم بها حتى يعلم حريته وإسلامه، [ويجوز أن يسمع قبل العلم بحريته وإسلامه].
قال: وإن جهل عدالتهم، أي: وكانوا وافري العقول، سأل، أي: على وجه