نعم، اختلفوا في أنه إذا سمعها، هل يحكم عليه بها قبل حضوره أم لا؟ وسنذكره.
وفي "تعليق" القاضي أبي الطيب: أن الشهادة هل تسمع في حال غيبة المشهود عليه، أم يحتاج [أن يحضره] ولا يسمعها إلا بحضرته؟ فيه وجهان يأتيان في الكتاب:
أحدهما: يسمعها؛ لأنه غائب عن مجلس الحكم؛ فهو كما لو كان غائباً عن البلد، وهذا ما نقله الربيع.
قال في "الإشراف"- وهو في كتاب العيون-: فإنه قال: وأحب أن يحضره [، فإن [لم] يحضره] وسمع البينة جاز سماعها، ولا يحكم حتى يحضره.
والثاني: لا يسمعها؛ لأنه لا مشقة في إحضاره؛ فلا معنى لسماع البينة في غيبته.
قال في "الذخائر": وهذا هو المذهب. وسنذكره عن غيره من بعد.
قلت: وعلى هذا فيمكن حمل النص على حالة الغيبة عن البلد، وكلام الشيخ على ما إذا كان من شهد عليه لا يعرف أن له جرح البينة، وقد حكى الوجهين الروياني- أيضاً- عن القفال.
[ثم] قال: والصحيح ما ذكرناه، وهو أنه لا خلاف [في جواز سماع البينة.
فرع: إذا استفصل القاضي، هل يتعين على الشاهد التفصيل؟ فيه وجهان في "النهاية" في كتاب الإقرار، ولا خلاف] أنه لا يجب على الشاهد تفصيل الزمان والمكان، وإن استفصل القاضي، والفرق: أن الجهل بالشرائط يقدح، والجهل بالزمان والمكان لا يقدح.
قال: وإن كان الشهود مجاهيل، أي: للقاضي، فإن جهل إسلامهم رجع فيه إلى قولهم؛ لأن الكافر يملك إنشاء الإسلام؛ فكذلك الإقرار به، كذا قاله في "التهذيب".