للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن أم أبي عمرو بن العلاء شهدت عند القاضي سوار مع امرأة أخرى، فجعلت أم أبي عمرو تلقنها وتذكرها؛ فزجرها سوار، فقالت: ألم تسمع قول الله- تعالى-: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢]؟! فخجل سوار.

ولو سألهم فلهم ألا يجيبوه ولا يزيدوا على أداء الشهادة، قاله الإمام.

تنبيه: ظاهر كلام الشيخ يقتضي أموراً:

أحدها: استحباب التفريق- كما ذكر- لمن هو ثابت العدالة عنده؛ كما ذكره في "المهذب" أيضاً، والأصحاب من العراقيين لما حكوا قول الشافعي- رضي الله عنه- وأحب إذا لم يكن لهم شدة عقول أن يفرقهم، ثم يسأل كل واحد منهم على حدته عن شهادته، واليوم الذي شهد فيه، والموضع ومن فيه؛ ليستدل على عورة إن كانت في شهادتهم، فإن جمعوا الحال الحسنة والعقل لم يفعل ذلك بهم. انتهى.

قالوا: هذا التفريق في حالة الجهل بعدالتهم قبل أن يبحث عنها؛ لأنهم إذا اختلفوا رد شهادتهم، واستغنى عن البحث، وإن ثبتوا بعد التفريق والوعظ حينئذ يسأل.

وأطلقوا القول بأنهم إذا كانوا عدولاً أمضى شهادتهم، لكن ما ذكره الشيخ من التفريق ليس بعيداً عن القياس، وعليه ينطبق إيراد الإمام [هنا]، وكذا في كتاب الإقرار؛ حيث قال: وليس ما ذكرناه من جواز الاستفصال [من القاضي] مردوداً إلى خيرته، ولكنه ينظر إلى حال الشاهدين: فإن رآهما على عدالتهما خبيرين بشرائط الشهادة [فطنين مستقلين]، فله ترك الاستفصال [حتماً، وإن تمارى في أمرهما، فلابد من الاستفصال].

وقد تقع حالة تجب المباحثة فيها حتماً، والاحتياط يقتضيها، ومن هذا القبيل- كما قال في كتاب الشهادات-: سماع شهادة العوام وإن كانوا عدولاً، يتعين الاستفصال

<<  <  ج: ص:  >  >>