للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجه الغرم: أنها وصلت إلى يد الإمام، فتفويتها عليه سببه الأمان، ولو رضي صاحب القلعة بتسليم الجارية، غرم له قيمتها من بيت المال. صرح به القاضي الحسين والبغوي، وفي "الشامل" و"تعليق" البندنيجي: أنها تكون من مال الرضخ؛ فيكون فيه الأقوال الثلاثة.

قال: وإن فتحت عنوة، أي: قهرا، وعينها مفتوحة، وقد أسلمت الجارية قبل الفتح، أي: وكانت حرة – دفع إليه قيمتها؛ لأنها بالإسلام منعت نفهسا من الاسترقاق، فلا يمكن دفعها إليه، ودفعت إليه قيمتها؛ لأن كل عين لو كانت باقية على الرق، استحق أخذها، فإذا كانت كالفائتة بالحرية، رجع إلى قيمتها؛ كما إذا فسخ البائع البيع بعيب في الثمن، وقد أعتق المشتري المبيع، وأيضاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم صالح أهل مكة على أن يرد عليهم من نسائهم من أسلم، فكان يردهن عليهم، فلما أنزل الله – تعالى – تحريم ذلك ورد ما أنفقوا، بقوله تعالى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الآية، فكان من أسلم من النساء يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أزواجهن بمهورهن. وهذا ما أورده القضاة الماوردي وأبو الطيب والحسين، وصححه الفوراني والإمام.

قال الماوردي: وسواء في ذلك الدليل المسلم والكافر، وقيل: لا يستحق شيئاً؛ لأن الشرع منع من استرقاقها؛ فألحقت بالمعدومة.

وفي "الرافعي" حكاية [وجه] عن ابن سريج: أن في المسألة قولاً آخر، [وهو] أن الجارية تسلم إليه؛ لأنه يستحقها قبل أن أسلمت، والمذهب: الأول.

فأما لو أسلمت بعد الفتح، سلمت إلى الدليل إن كان مسلما، وإن كان كافراً انبنى على صحة شراء الكافر المسلم، فإن صححناه استحق الجارية، ويمنع منها حتى يزيلها عن ملكه، أو يسلم فيستحلها، فإن لم يفعل ذلك بيعت عليه جبرا

<<  <  ج: ص:  >  >>