وحكى في "التهذيب" الوجهين في قسط السنة الأولى، وصحح المنع، وقاس مقابله على اليسار بعد الإعسار، وجزم بوجوبحصة الحول الثاني والثالث.
واعلم أن الأصحاب اختلفوا فيما يضبط به اليسار، والتوسط هاهنا:
فالذي أورده في "التهذيب" أن الاعتبار بالعادة، وأن ذلك يختلف بالبلدان والأزمان، ورأى الإمام: الأقرب اعتبار ذلك بالزكاة؛ كما اعتبر قدر الواجب بالزكاة، فقال: إن كان يملك عشرين ديناراً في آخر الحول فهو غني، لكن يفارق ما تجب فيه الزكاة من وجهين:
أحدهما: أنه لا يشترط أن يملك النقد، أو شيئاً من الأموال الزكاتية، بل إذا ملك ما يساوي هذا القدر من سائر الأموال، كان كما لو ملك هذه الأموال.
والثاني: يشترط أن يكون ما يملكه فاضلاً عن مسكنه وثيابه وسائر ما لا يكلف في الكفارة بيعه وصرفه إلى ثمن الرقبة، وهذا لا يشترط في الزكاة.
والمتوسط هو الذي يملك [أقل من] ذلك، لكنه يفضل عن حاجته، ويشترط أن يكون فوق القدر المأخوذ وهو ربع دينار؛ كي لا يرده أخذه منه إلى حد الفقر.
قال: فإن قسط عليهم، فبقي شيء، أخذ من بيت المال؛ لانه منزل على الميراث، وهذه رتبة المال في الميراث، فلو لم يكن في بيت المال شيء، فهل يجب على الجاني؟ فيه الخلاف السابق.
قال: وإن زاد عددهم على قدر الثلث، يعني: إذا كان في درجة واحدة أشخاص، بحيث إذا قسم الواجب في تلك السنة عليهم خص الغني دون النصف دينار، والمتوسط دون الربع دينار – ففيه قولان:
أحدهما: يقسط عليهم، وينقص كل واحد عن النصف والربع؛ لأنه حق يُستحق بالتعصيب، فقسم قليله وكثره بين الجميع كالميراث، ولأنهم استووا في الدرجة والتعصيب؛ فوجب أن يستووا في الحمل؛ قياساً على ما إذا كان العقل وفقهم لا يزيد عليهم، وهذا هو الأصح والمختار في "المرشد".
والثاني: يقسط الإمام على من يرى منهم؛ لأن في تقسيط القليل على الجميع مشقة.