للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن جاز أن يخفى عليه جواز قتل غيره، وأن السم يقتل إذا أكله.

قال:"وإن قتل رجلاً بسحر يقتل غالباً وجب عليه القود"؛ لأنه قتله بسبب يقتل غالباً؛ فكان كما لو قتله بسكين، وإن لم يقتل غالباً [فلا قود فيه، وسيأتي] حكمه في الكتاب، ولا يعرف كونه يقتل غالباً [أوْ لا إلا من جهة] الجاني، وقد أنكر بعض أصحابنا، وهو أبو جعفر المقرئ الأستراباذي؛ كما حكاه ابن الصباغ والمصنف، أو أبو جعفر الترمذي، كما حكاه الإمام عن رواية العراقيين عنه – أن للسحر حقيقة، وقال: إنه تخييل [لا حقيقة له و] لا أصل له، [ولا] يناط به قصاص ولا غرم.

وقال الشاشي: إن الأستراباذي [الذي] قال هذا القول، هو من أهل الظاهر.

وعلى كل حال فهذا ليس بشيء؛ لأن الله – تعالى – أمر بالاستعاذة منه؛ بقوله: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} [الفلق: ٤]، وقال تعالى: [{فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} [البقرة: ١٠٢] وفي بعض الألفاظ أنه – عليه السلام – قال: "السحر حق".

وقد روى الشافعي بسنده عن عائشة – رضي الله عنها – أنها قالت:"مَكَثَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّاماً يُخَيَّلُ إِلَيهِ أَنَّهُ يَاتِي النِّسَاءَ، وَلاَ يَاتِيهِنَّ، فَاسْتَيقَظَ ذَاتَ لَيلَةٍ، وَقَالَ: يَا عَائِشَةُ، قَدْ أَفْتَانِي رَبِّي فِيمَا اسْتَفْتَيتُهُ، أَتَانِي رَجُلاَنِ [فِي المنَامِ]؛ فَجَلَسَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رِجْلَيَّ، وَالآخَرُ عِنْدَ رَاسِي، فَقَالَ الذِي عِنْدَ رِجْلِي للِّذِي عِنْدَ رَاسِي: مَا بَالُ الرَّجُلِ؟ فَقَالَك مَطْبُوبٌ؛ فَقَالَ: مَنْ طَبَّهُ؟ فَقَالَ: لَبِيدُ بْنُ أَعْصَمَ اليَهُودِيُّ، قَالَ: فِيمَ؟ قَالَ: فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ، تَحْتَ رَاعُوثَةِ بِئْرِ ذَرْوَانَ، قَالَ: فَأَتَيتُ البِئْرَ، فَإِذَا مَاؤُهَا كَنَقْعِ الحِنَّاءِ، فَنَزَلَ عَلِيٌّ فَأَخْرَجَهُ، فَلَمَّا حُلَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>