وحكى الإمام طريقين فيما إذا كان [الآكل] ممن جرت عادته بدخول دار الفاعل والأكل فيها انبساطاً:
أحدهما: ما ذكره العراقيون.
والثاني: طرد القولين في وجوب القصاص.
ولو كان قد صنع السم في طعام، وقدمه إليه في جملة أطعمة، وكان من الممكن ألا يتعاطى المسموم، ويكتفي بغيره – فإذا تعاطاه، قال الإمام في باب وضع الحجر: إن أمر الضمان يترتب على ما [إذا] قدم إليه طعاماً مسموماً متحداًن وهنا أولى بانتفاء الضمان، وإذا قلنا بعدم وجوب القصاص في مسألتي الكتاب، فهل تجب الدية؟
قيل: نعم.
وقيل: قولان حكاهما في الأولى القاضي في "المجرد"، وفي الثانية غيره.
وقيل: في الأولى قولان، وفي الثانية: لا تجب. وبهذا الطريق أجاب الماوردي [في موضع]، وفرق بأنه [إذا أكل] بالإطعام فقد أكل [بأمره؛ فصار بالأمر ضامناً، وإذا أكل] طعام نفسه فهو بغير أمره فلم يضمنه.
وفي "الشامل": أن الشيخ أبا حامد قال: في الأولى تجب، وفي الثانية قولان، وهذه طريقة القاضي الحسين في "تعليقه"، ولا خلاف في وجوب قيمة ما خلط به السم من طعام الغير: لأنه أفسده عليه.
تنبيه: قول الشيخ: وأطعم رجلاً، فيه احتراز عما لو أطعمه صبيًّا لا تمييز له؛ فإنه يجب عليه القود في الأولى جزماً؛ كما لو قال له: اقتل نفسك، ففعل، وهكذا الحكم [فيما] لو كان الرجل في معنى الصغير؛ لجنون أو عجمة، واعتقد وجوب طاعة الآمر، وهذا بخلاف ما لو أمر العجمي بقتل نفسه فقتلها؛ فإنه لا يجب القود جزماً؛ لأن كل أحد لا يخفى عليه أن قتل نفسه لا يجوز،