أما إذا كان متفاضلاً فيعتبر على هذا الوجه أن يزيد ما أكله على المقدار الذي لغير المحلوف عليه، [ثلثاً كان أو ربعاً]، أو غير ذلك من الأجزاء.
قال: وقيل: إن أكل حبة أو عشرين حبة لم يحنث؛ لأن ما من حبة يأكلها إلا ويجوز أن تكون مما اشتراه، كما يجوز أن تكون مما لم يشتره، والأصل فراغ ذمته من الكفارة.
قال: وإن أكل كفاًّ، أي: وكان المشتري من حنطة أو نحوها- حنث؛ لأنا نتحقق أنه أكل من الطعامين؛ فإنه إذا خلط لم يتميز منه الكف، وهذا ما ذهب إليه أبو إسحاق، وهو الأصح عند ابن الصباغ والرافعي.
وقد يؤخذ مما ذكرناه من التقييد [بجريان هذا الوجه] الفرق بين هذه المسألة وبين مسألة التمر.
وحكى عن ابن أبي هريرة أنه قال: لا يحنث وإن أكل الجميع؛ لأنه [لا] يمكن أن يشار إلى شيء منه أنه مما اشتراه زيد؛ فأشبه ما إذا اشترياه مشاعاً.
قال ابن الصباغ: وهذا ليس بصحيح؛ لأنا نتحقق أنه قد أكل ما انفرد المحلوف عليه بشرائه متميزاً، وإنما لم نعرفه، بخلاف المسألة قبلها.
وفي "ابن يونس": أن القاضي أبا الطيب اختاره، وفي "الوسيط": أنه إن أكل من المختلط حنث، ولم يحك سواه؛ فإن حمل على ظاهره كان وجهاً رابعاً.
والذي يظهر: أنه محمول على ما إذا أكل منه ما يتيقن به أنه أكل مما اشتراه زيد.
وقال البصريون من أصحابنا: إن كان المأكول مائعاً حنث بأكل القليل منه، وكذا إن كان دقيقاً، وإن كان متميزاً كالتمر، فأكل أكثر من النصف حنث، وإلا فلا.
قلت: وقد يتجه جيران خلاف في المائع أيضاً؛ كما أجرى فيما إذا خلط ما لا يكفيه لوضوئه بمائع؛ فإنا لا نجوز له على رأي أن يستعمل الجميع، بل يبقى قدر المائع، وسيأتي قريب من ذلك في كتاب الرضاع.
تنبيه: قد يظهر لك من كلام الشيخ أنه لو حلف: لا يأكل طعاماً اشتراه زيد، فأكل بعضه-حنث؛ لأنه على القول الأول يحنث إذا أكل أكثر من النصف، ومعلوم