زيد، فدخل داراً بين زيد وعمرو- لم يحنث، بوفاق أبي حنيفة.
وفي "الإبانة" حكاية وجهين آخرين:
أحدهما: أنه يحنث. قال الإمام: ولست أنكر دخوله تحت الإمكان في مسائل البر والحنث في الأيمان، ولكنه ليس مذهباً للشافعي.
وفي "الرافعي": أن القاضي أبا الطيب اختار هذا الوجه، ويقاربه ما حكاه في فروع الطلاق فيما إذا حلف: لا سرق ذهباً، فسرق ذهباً مغشوشاً – فإنه يحنث على المذهب.
والثاني: إن أكل أكثر من النصف حنث، وإلا فلا. قال الإمام: وهو سخيف.
وحكى في "التهذيب" الوجوه الثلاثة لكن فيما إذا حلف: لا يأكل ما اشتراه زيد، إلا أن ينوي أنه لا يأكل طعام زيد أو من طعامه.
واعلم أن قضية كلام الماوردي [أن] المسألة مصورة بما إذا عقدا على طعامٍ صفقة واحدة، أما إذا عقدا عليه في صفقتين على الإشاعة، فأكل منه – حنث؛ فإنه أجاب عن [استدلال] أبي حنيفة بالشِّرَى في صفقتين مشاعاً: بأن كل جزء من أجزاء الطعام قد اشترى زيد نصفه بعقد تام؛ فوجد شرط الحنث [، وإذا كان بعقد واحد فهو مشترك؛ فلم يكمل شرط الحنث] فافترقا. وهذا منه يدل على تسليم الحكم فيما استدل به أبو حنيفة.
قال: وإن اشترى كل واحد منهما شيئاً، فخلطاه فأكل منه –فقد قيل: لا يحنث حتى يأكل أكثر من النصف، أي: إن كان ما اشترياه متساوياً؛ لأن بما دونه لا يتحقق أنه أكل ما اشتراه زيد؛ فإذا أكل أكثر من النصف فقد تحقق أنه أكل ما اشتراه، وهذا ما ذهب إليه أبو سعيد الإصطخري؛ على ما حكاه ابن الصباغ والمحاملي والبندنيجي والرافعي وغيرهم، ولم يذكر البغوي سواه، وحكى ابن الصباغ أن القاضي أبا الطيب اختاره، وقال الإمام: هذا إشارة إلى أن الاستيقان يحصل عند ذلك، ولا ينبغي أن تستجيز عدَّ هذا من المذهب مع تحقق اليقين دونه.