قال الإمام: وقد يقول القائل في العرف: أكلت رمانة، وإن فاتته حبة، لكن من قال: إنه لم يأكل رمانة، لا يعد حائداً عن ظاهر الكلام، فإذن العرف متردد والوضع يقتضي عدم الحنث؛ فلا وجه للحكم بالحنث.
قال: وإن حلف: لا يشرب ماء الكوز، فشربه إلا جرعة- لم يحنث؛ لما ذكرناه. والحكم في الحلف على شرب ماء الصهريج الكبير وما في معناه مما يمكن شربه مع طول الزمان، كالحكم في الحلف على شرب ماء الكوز.
فإن قيل: لو حلف: لا يأكل طعاماً اشتراه زيد، فأكل بعضه- حنث] على أحد الوجهين؛ فهلا جرى مثله هاهنا؟
قلنا: الفرق بينهما ما حكاه الماوردي: أن الماء في الكوز أو الحب مقدار ينطلق على جميعه، ولا ينطلق على بعضه [؛ فلذلك لم يحنث بشرب بعضه]، وشراء زيد الطعام صفة تنطلق على بعضه كما تنطلق على جميعه؛ فلذلك حنث بأكل بعضه.
ثم تصوير الشيخ المسألة بترك الجرعة يحترز به عن البلل الباقي الذي لا يمكن شربه؛ فإنه يحنث وإن بقي.
تنبيه: الجرعة: بكسر الجيم وفتحها؛ قاله ابن السكيت.
ويقال: جرعت الماء، بكسر الراء على المشهور.
وحكى الجوهري أيضاً فتحها.
فرع حكاه الماوردي: لو شك: هل ذهب من الكوز قطرة ماء بعد حلفه أم لا، وشرب الموجود – فهل يحكم بحنثه؟ فيه وجهان.