وفي "النهاية" هاهنا: أنه لا وجه عندنا إلا القطع بأنه يحنث كصورة البيع.
وحكى فيما إذا حلف: لا يبيع الخمر، وجهاً: أنه يحنث، وكذلك فيما إذا حلف: لا يبيع مال فلان بغير إذنه، أو: لا يبيع مال زوجته، فباع بغير الإذن، والمذهب: أنه لا يحنث فيهما.
فائدة: قال في "التتمة": إذا حلف: لا يشتري، فأسلم في شيء أو قبل التولية أو التشريك – حنث، بخلاف ما لو صالح من الدين على عين؛ لأن لفظ "الصلح" غير موضوع للتمليك، وإنما هو موضوع للإسقاط والرضا بترك الحق، والتولية والتشريك موضوعان لنقل الملك؛ فأشبها البيع، والذي اختاره –في الصلح – حكاه الإمام عن الصيدلاني واختار خلافه، وقال: لو أخذ طعاماً عن أجرة دار فلست أراه مشترياً، وحكى إن الإقالة وإن قلنا: إنها بيع، لا تندرج تحت اسم "البيع"؛ لأن ذلك من طريق الحكم، وكذلك في القسمة إذا قلنا: إنها بيع.
قال: وإن حلف: ليضربن عبده مائة سوط، فشد مائة سوط، وضربه بها ضربة واحدة، وتحقق أن الجميع أصابه-بر؛ لأن الله تعالى – قال لأيوب – على نبينا وعليه السلام – وقد حلف: ليضربن امرأته مائة خشبة: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ}[ص:٤٤]، ولأن الضرب بالمائة قد حصل؛ فوجب أن يبر في يمينه؛ كما لو فرقه.
ثم المراد بتحقق إصابة الجميع: أن يتحقق وصول ألم الجميع إليه، وإن كان البعض حائلاً بين بدنه وبين البعض الآخر؛ كما لو حال بين بدنه وبين السياط الثوب، ويدل عليه قوله تعالى:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً}[ص: ٤٤] والغالب أن قضبان الضغث لا تنبسط، وذلك يدل دلالة ظاهرة على أن المماسة بالجميع ليست بشرط.
وفيه وجه: أنه لابد من ملاقاة الجميع بدنه أو ملبوسه، ولا يكفي التحامل ووصول الألم.
فرع: لو ضربه بعثكال فيه مائة شمراخ، ظاهر كلام البندنيجي والمحاملي وابن الصباغ والبغوي: أنه يبر.