قاربه في رتبته، حنث؛ حملاً لليمين على العرف؛ كما حملت على العرف في الحلف على أكل الرءوس. وهذا ما رواه الربيع، وهو مطرد – على ما حكاه المتولي – فيما إذا حلف: لا يزوج ابنته، وهو من ذوي المروءات.
ومن قال بالأول أجاب عن مسألة الرءوس بأن العرف فيها عام؛ فكان حقيقة عرفية نزلت اليمين عليها، والعرف في مسألتنا خاص بالحالف، ومثل ذلك لا تنصرف اليمين إليه؛ ألا ترى أن الملك لو حلف؛ لا يأكل الخبز، لا يلبس الثوب، فأكل خبز الذرة، ولبس عباءة –حنث، وإن لم يكن ذلك عادته؟!
فروع:
قال في "التهذيب": لو حلف: ألا يبيع ولا يشتري، فاشترى لغيره شيئاً بالوكالة- حنث. ووافقه المتولي فيما إذا حلف [لا يبيع] شيئاً، فباع للغير بالوكالة أو الولاية أنه يحنث.
وقال الغزالي: إن أضاف العقد إلى موكله، لم يحنث، وإن لم يضفه ونوى – حنث؛ على أظهر الوجهين.
ولو حلف: لا يحلق رأسه، فأمر غيره فحلقه – فقد قيل: في حنثه القولان، وقيل: يحنث قولاً واحداً، وبه أجاب الماوردي، وطرده في كل ما جرت العادة فيه بالأمر، دون المباشرة من جميع الناس: كقوله: والله لا احتجمت، أو: افتصدت، أو: لا بنيت داري.
وفي "الرافعي": إلحاق الحلف على البناء بالحلف على الضرب، وهو الأشبه؛ لأن ذلك [لا] يختلف باختلاف الناس.
ولو حلف: لا يحلق عانته، فأمر من يحلقها – لم يحنث؛ لأنه لم تجر العادة بأن يفعله الغير.
ولو حلف: لا يبيع، فباع بيعاً فاسداً، لم يحنث، وكذا لو حلف: لا يبيع بيعاً فاسداً، لم يحنث، حكاه الفوراني في كتاب العتق، وحكى خلاف المزني فيه، وعزي الرافعي عدم الحنث إلى الصيدلاني والروياني.