والثالث- وهو الأظهر، وبه قال أبو الطيب وأبو حفص وأبو إسحاق-: القطع بأنه يمين، وحملوا نصه في الإيلاء على تصحيف الياء المنقوطة باثنتين من أسفل إلى المنقوطة باثنتين من فوق. ومنهم من حمله على ما إذا قال له الحاكم: قل: والله، فقال: تالله.
وفي "الحاوي": أن أبا إسحاق المروزي قال: إنما تكون يميناً في خواص الناس الذين يعرفون أن التاء من حروف القسم، ولا تكون يميناً في العامة الذين لا يعرفون ذلك، وإذا عرف ذلك فلعل القائل بأنه لا فرق بين الباء والتاء يقول بأنه في التاء المنقوطة باثنتين يكون حالفاً، وألحقه بالباء المنقوطة بواحدة من تحت، وذلك لا يدل على إجراء خلاف في الباء.
واعلم أن محل الخلاف في المنقوطة باثنتين من فوق عند الإطلاق، أما إذا قصد غير اليمين فلا يكون يميناً قولاً واحداً.
قال: وإن حلف بصفة من صفات الذات لا تحتمل غيره، وهي: وعظمة الله، وجلال الله، وعزة الله، وكبرياء الله، وبقاء الله، وكلام الله، والقرآن- انعقدت يمينه؛ وكذا قوله: ومشيئة الله، وإرادة الله، وسمع الله، وبصر الله؛ لأن هذه الصفات لم يزل موصوفاً بها، ولا يجوز وصفه بغيرها؛ فصار كاليمين بأسمائه.
وألحق القاضي الحسين في باب موضع اليمين حلف المسلم بالتوراة والإنجيل أو بآية منسوخة من القرآن- بالحلف بالقرآن، وقال بانعقاد اليمين؛ لأنه كلام الله ومن صفات الذات.
وألحق في "التتمة" قوله: "والقرآن" بالنوع الثاني، وقال: لأنه [قد] يستعمل في الصلاة، قال الله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ}[الإسراء: ٧٩] وقد يستعمل في الخطبة، قال الله- تعالى-: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}[الأعراف: ٢٠٤] وهو به أشبه.
وحكى فيما إذا قال: والمصحف، [فهو يمين، وكذا لو قال: وحرمة هذا المصحف؛ لأن احترامه لما هو مكتوب فيه] وإن أراد: الورق والجلود، لم يكن يميناً.