للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ، إِلَّا شَرْطاً أَحَلَّ حَرَاماً، أَوْ حَرَّمَ حَلَالاً"، وكما إذا شرط ألا يتزوج عليها، [أو لا] يسافر بها.

وقال الربيع: إن النصين محمولان على حالين: فحيث قال: يبطل، أراد: ما إذا شرطت الزوجة ألا يطأها، وحيث قال: يصح، أراد: ما إذا شرط الزوج ألا يطأها، والفرق: أن الوطء حق له فله تركه، والتمكين حق عليها فليس لها تركه، وصار هذا كما لو كان على فقير دَيْنٌ، فقال الفقير لرب المال: ادفع لي من الزكاة ديناراً لأؤدي دينك منه، فدفع إليه- أجزأه عن الزكاة، والفقير مخير في الأداء منه ومن غيره، ولو قال رب الدين: خذ هذا الدينار من الزكاة؛ بشرط أن ترد على من دَيْني- لا يجزئ عن الزكاة، وهو ما جزم به في "الشامل" و"المهذب"، وصححه الرافعي، وهو معنى قول الشيخ من بعدُ: "وقيل: إن شرط ترك الوطء أهلُ الزوجة بطل العقد"، وعدول الشيخ عن "الزوجة" إلى "أهل الزوجة"- ومراده: الولي- لأن الشرط إنما يؤثِّر في حالة العقد من العاقد كما تقدم، والعاقد هو الولي.

قال الرافعي: ولك أن تقول: إذا شرط أحد المتعاقدين شرطاً، فإن لم يساعده صاحبه لم يتم العقد، وإن ساعده فالزوج بالمساعدة تارك لحقه، فهلا كانت مساعدته كاشتراطه؟! وهي بالمساعدة مانعة حقه، فهلا كانت مساعدتها كاشتراطها؟!

ولو تزوج امرأة على ألا تحل له، ففي "النهاية": أنه يجب أن يلتحق ذلك بالخلاف في شرط الامتناع عن الوطء. وقال في "الوسيط": ينبغي أن يفسد؛ لما فيه من التناقض.

قال: وإن تزوج على ألا ينفق عليها، أو: لا يبيت عندها، أو: لا يقسم لها، أو: لا يتسَّرى عليها [أو: لا يسافر بها، وكذا لو شرط: ألا يتزوج عليها، أو: لا يطلقها، أو: تخرج متى شاءت]، أو: يطلق ضرائرها- بطل الشرط؛ لقوله- صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ فَهُوَ بَاطِلٌ"، وللحديث السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>