للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المباشرة قوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] أي: ينقطع دمهن، {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي: اغتسلن {فَاتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ} فأتبع الشرط [الشرط] فتوقف الحل على وجودهما؛ كما لو قال لامرأته: لا تكلمي زيداً، فإذا كلمت زيداً ودخلت الدار، فأنت طالق- لا يقع الطلاق عليها إلا عند وجود الشرطين.

ومثل هذه [الآية] قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦].

وقيل: إن نظيره قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} [البقرة: ٢٣٠] فإن مفهوم الآية يقتضي ارتفاع التحريم السالف بنكاح [غيره] ومطلق التحريم لا يرتفع؛ بل الذي يرتفع: التحريم الناشئ من الطلاق الثلاث وإن بقي تحريم كونها أجنبية منه وفي نكاح غيره.

كذلك تحريم الوطء في الحيض يرتفع بانقطاع الدم وإن بقي تحريم مواقعتها قبل الغسل الدال عليه قوله- تعالى-: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ}، وهذا حسن بالغ.

فإن قيل: لا نسلم أنهما شرطان؛ بل شرط واحد، والتقدير: لا تقربوهن حتى يطهرن- أي: ينقطع حيضهن- {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} - أي: انقطع حيضهن- {فَآتُوهُنَّ}.

وإن سلمنا أن المراد بالثاني: التطهر [بالماء]، فلا نسلم أنه للغسل؛ بل هو غسل الفرج أو غسل أعضاء الوضوء.

قلنا: أما الأول فعنه أجوبة:

أحدها: أن ابن عباس ومجاهداً قالا: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} أي: اغتسلن بالماء؛ وبهذا يحصل جواب الثاني أيضاً.

والثاني: أن التطهر في الآية منسوب إليهن، وانقطاع الدم ليس إليهن، فلو كان هو المراد لقال: فإذا طهرن.

<<  <  ج: ص:  >  >>