قال: وإن كاتب على عوض محرم أو شرط فاسد، فسدت الكتابة، وبقيت الصفة.
صُورَةُ المسألة الأولى: أن يقول: كاتبتك على خمرٍ، أو خنزير، أو ميتةٍ، أو على هذا الحر، فإذا أديت فأنت حرٌّ.
وصورة الثانية أن يقولك كاتبتك على عشرين ديناراً – مثلاً – تؤدي في رأس هذا الشهر نصفها، وفي رأس الشهر الذي يليه النصف الآخر، بشرط أن يثبت لي الخيار في الفسخ، أو: بشرط أنَّك إذا أدّيت النجوم يتأخر عتقك.
وإنما فسدت الكتابة، وهي قوله: كاتبتك على كذا، وبقيت الصفة وهي قوله: فإذا أدّيت فأنت حرٌّ؛ لأنَّ هذا عقد اشتمل على معنى المعاوضة ومعنى تعليق العتق بالصفة، والمعاوضة ينافيها ما ذكرناه؛ فبطلت، والصفة لا ينافيها فبقيت.
والمكاتب يملك بهذا العقد أكسابه، قال البندنيجي: وليس على أصلنا: يملك بعقد فاسد كما يملك بالصحيح إلا هذا.
قال: وللسيد فسخها؛ لأنه لم يرض بالصفة إلا ليسلم له العوض، [ولم يسلم له]؛ فكان له الفسخ دفعاً للضرر.
ويجوز فسخ هذه الصفة بالفعل كالبيع وغيره، وبالقول مثل أن يقول: أبطلت كتابة عبدي، أو: فسختها، ونحو ذلك؛ لأنها تثبُت في ضمن عقد، فغلب حكمه عليها، بخلاف الصفة المجردة؛ حيث لم يجز الرجوع فيها بالقول، ولا يفتقر هذا الفسخ إلى الحاكم، والأولى أن يشهد عليه.
فرع: إذا وقع عقد الكتابة في الشرك على خمرٍ أو خنزيرٍ، فقبض بعضه، ثم أسلما – وقع العتق بقبض الباقي، ورجع السيد عليه بجميع قيمته، بخلاف نظير المسألة في الصداق، والفرق بينهما مذكور ثَمَّ.