ولو لم يعتق والحالة هذه فبكم [يفدي نفسه؟] قال الشيخ أبو حامد حكاية عن النص: إنه يفديها بما ذكره صاحب القول الأول في المسألة قبلها.
وحكى القاضي أبو الطيب عن أبي إسحاق أنَّه قال: لا يعرف للشافعي – رضي الله عنه – إلا أنه قال: "يفدي نسه بأقل الأمرين"، ثم قال أبو إسحاق: والأشبه عندي أن يكون في ذلك القولان كما [ذكرناه] في المسألة السابقة؛ لأنه منع نفسه من البيع بعدم العجز، كما منع من العتق.
ومن أصحابنا من قال: يتعين هنا ما حكاه أبو حامد.
والفرق: أن الرقبة باقية، وفي الصورة السابقة قد تلفت بالعتق؛ فوجبت قيمتها.
قال ابن الصباغ: وهذا الفرق يبطل بما إذا عجَّزه، وفسخ الكتابة، واختار السيد الفداء؛ فإنه مانع من البيع مع قيام الرقبة، ومع هذا لا يضمن لكل منهم إلا أقل الأمرين.
فرع: لو أعتق السيد المكاتب إمَّا بالإبراء عن نجوم الكتابة، أو بصريح العتق، وقد جنى جنايات – قال الفوراني: فهو كما لو اختار الفداء، لكن فيما يلزمه في هذه الحالة طريقان:
أحدهما: لا يلزمه إلا الأقل من قيمته مرة واحدة وأرش جميع الجنايات؛ إذ لا سبيل إلى تسليمه للبيع، فهو كمما لو قتل العبد الجاني.
والثاني: أن فيه قولين كما في اختياره الفداء، [وهذا ما حكاه البندنيجي].
وهكذا لو كانت الجناية من أبي المكاتب، ثم أبرأ السيد المكاتب أو أعتقه؛ فإن أباه يعتق بعتقه، وفيما يلزم السيد الخلاف، ولا نزاع في أن الكاتب إذا عتق بأداء النجوم لا يلزم السيد الفداء؛ لأنه مقهور [على القبض] شرعاً.
فرع: إذا أقرّ المكاتب بجناية الخطأ قبلت على الأصح في "الإبانة"، وفيه وجه: أنَّه لا تقبل. فعلى الأول: إذا رقَّ، وكان قد قال: إن أرش الجناية ألْف، فقال السيد: بل خمسمائة – فقولان فيمن القول قوله.