أحدهما: أن المكاتب مالك لتصرف نفسه؛ فلم يكن للسيد أن يحجر عليه بمنعه.
والثاني: أن للسيد عليه ديناً إلى أجل، وليس لصاحب الدين أن يمنع من عليه الدين المؤجل من السفر.
وليس له ذلك في الآخر، أي: من غير إذن السيد، وهو الذي نص عليه في "الإملاء" لأن فيه تعزيراً بالمال وتأخيراً لحقٍّ.
وقال أكثر الأصحاب- كما حكاه الماوردي-: إن كان السفر مما لا تقصر فيه الصلاة جاز، وإن كان مما تقصر فيه الصلاة لم يجز، وحملوا القولين على هذين الحالين.
قال: ولا يتزوج إلا بإذن المولى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:"أَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ" أي: زَانٍ، و"الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ"، والكلام في ذلك مستوفىً في كتاب النكاح؛ فليطلب منه.
وليس له أن يطأ أمته بملك اليمين؛ لأمرين:
أحدهما: ضعف ملكه.
والثاني: خشية العلوق فتنقص قيمتها.
وقد ذكرنا [في أن] السيد [إذا ملَّك] عبده أمة أنه يجوز له أن يتسرى بها وإن لم يأذن له السيد على وجه، وملك المكاتب أقوى منه؛ فيتجه أن يجيء مثله هنا من طريق الأولى إذا نظرنا إلى المعنى الأول، وإن نظرنا إلى المعنى الثاني فينبغي أن ننظر إن كانت ممن تحبل فيمتنع عليه الوطء بدون الإذن، وبالإذن