قال الماوردي: ثم هذا الملك مراعى يستقر بالأداء، ويزول بالعجز؛ كالمبيع في زمن الخيار.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنَّا لا نقول: إن المكاتب ملك أكسابه؛ بدليل أنه لا يمكنه أن يتبرع بها، وعلى ذلك جرى في "التهذيب" حيث قال: الكتابة معاقدة يتسلط بها العبد على أكسابه، فيجمعها ويؤديها إلى المولى فيعتق، ولا يملك مكاسبه ولا رقبته.
وفي "تعليق" البندنيجي في كتاب "الأيمان" إيماء إلى ذلك؛ حيث قال: إذا حلف لا يركب دابة المكاتب، فركب دابة له، فإن قلنا: يملك، حنث، وإن قلنا: لا يملك، لم يحنث، وظاهر المذهب: أنه يحنث؛ لأنها في حكم ملكه، بدليل أنه يتصرف فيها دون [إذن] سيده. [انتهى]. لكن الذي دل عليه ظاهر النص الأول؛ حيث قال: إن المكاتب ممنوع من استهلاك ماله. وقد حكيت في ابن الصباغ عن كتاب "الأيمان" حكاية عن بعض الأصحاب: أن المكاتب يملك بالعقد رقبته، وإنما لا يعتق؛ لضعف الملك، وحمل قوله صلى الله عليه وسلم:"الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَتِهِ دِرْهَمٌ" على ذلك، والمذهب خلافه.
قال: وله أن يبيعه ويشتري، ويستأجر، ويكري؛ لأنه عقد الكتابة ليحصل العتق بأداء النجوم، والأداء إنما يكون بالاكتساب، فمكن منه بجميع جهاته تحصيلاً للمقصود، واقتصر الشيخ على التمثيل بما ذكره؛ لدلالته على ما عداه من احتطاب واحتشاش [وغير ذلك] من طريق الأولى.
قال: وهو مع السيد كالأجنبي مع الأجنبي في البيع والشراء، والأخذ بالشفعة، وبذل المنافع؛ لأنه صار بعقد الكتابة كالخارج عن ملكه، وإنما له في ذمته مال.
قال: وله أن يسافر في أحد القولين، وهو الذي نص عليه في "المختصر"، وهو الأصح؛ لأمرين: