وحكى المراوزة قولاً آخر: أنه لا قود على القاتل؛ لأنه قد يدرأ بالشبهة.
ووجهه المتولي: بأن الإنسان لا يخلو عن ابن عم وإن تباعد عنه، والحق له على القاتل، ولا ندري حاله، ومن الجائز أنه طفل أو مجنون.
ووجهه غيره: بأنه لو وجب، لوجب لعامة المسلمين.
ومنهم من لا يستوفي القصاص، وهم الصبيان والمجانين، وأبطل صاحب "التقريب" هذه العلة؛ بأن الاستحقاق منسوب لجهة الإسلام لا على آحاد المسلمين، ولهذا لو أوصى من لا وارث له خاصاً [لجماعة] المسلمين، لا تجعل وصيته لارث، وقال: إن الخلاف مبني على أن اللقيط تجري عليه أحكام الإسلام، أو تتوقف فيه إلى أن يعترف بالإسلام؟ فإن قلنا بالأول، أوجبنا القصاص، وإن قلنا بالثاني، فقد فات الاعتراف بقتله فلا يجب.
قلت: وما قاله من الاستشهاد بمسألة الوصية قد يمنعه القائل بالأول؛ فإن لبعض أصحابنا وجهاً: أنه لا تصح الوصية- كما سنقف عليه في موضعه- وخرج الماوردي الخلاف في فصل آخر على القولين في أن اللقيط محكوم بحريته ظاهراً، أم هو مجهول الأصل كما تقدم.
وحكى الماوردي في موضع آخر: أن بعض أصحابنا كان يجعل القولين على حالين، ويقول: إن قتله قبل البلوغ وجب القود، وإن كان بعد البلوغ، فلا؛ لأنه كان يقدر على إظهار حاله. ثم قال: وهذا الفرق مسلوب المعنى؛ لأنه إن اعتبر حال الشبهة، ففي الحالين، وإن اعتبر حال الظاهر، ففي الحالين؛ فلم يكن للفرق بينهما وجه. وهذا منه يدل على اعتقاده إجراء القولين في حال الصغر والكبر، لكن كلام الشيخ في حال الصغر، وأما حال الكبر فسيأتي، وقد نسب القاضي الحسين والإمام قول عدم وجوب القصاص إلى رواية البويطي، والمتولي إلى رواية الربيع.
قال الرافعي: والمفهوم من كلام المعظم أنه غير منصوص عليه، جاء في