قلت: وقضية ما حكيته آنفاً عن الرافعي وغيره في قبول قول من ادعى رق اللقيط وهو في يده: أن يجري هاهنا: فيقال: إن أقام غير الملتقط البينة بأنه كان في يده [حكم له بها، ويكون القول قوله في رقه مع يمينه جزماً. وإن أقام الملتقط البينة بأنه كان في يده]، فإن قبلنا قوله في دعواه الرق إذا كان في يده، حكم له باليد، وحلف على رقه، وإلا فلا، ولم أر ذلك لأحد من الأصحاب.
فرع: إذا كان مجهول النسب غير لقيط، فادعى رجل أنه مملوكه، وكان طفلاً لا يعقل- حكمنا أنه ملكه. وإن كان عاقلاً مراهقاً، وادعاه وأنكر الصبي ذلك- فهل يحكم له به أم لا؟ على وجهين في "تعليق" البندنيجين وبناهما غيره على الوجهين في المولود إذا ادعاه اثنان ولا قائف، هل يؤمر بالانتساب لسن التمييز أم ينتظر بلوغه؟ وفي "الحاوي أن الخنثى المشكل: هل يراجع لسن التمييز أم ينتظر بلوغه؟ وعلى قول القبول- وهو المشهور من قول الشافعي-: أنه كالثوب لابد من اليمين؛ لخطر شأن الحرية.
وهل ذلك مستحب أو واجب؟ فيه خلاف، والأول يحكى عن النص.
ثم إذا بلغ، وأقر بالرق لغير صاحب اليد، لم يقبل. وإن قال: أنا حر، فوجهان:
أصحهما- وبه أجاب ابن الحداد-: أنه لا يقبل إلا ببينة، وله تحليف السيد.
والثاني: وبه قال أبو علي الثقفي: أنه يقبل.
والوجهان عند الشيخ أبي علي مبنيان [على القولين] فيمن حكم بإسلامه بأبيه أو بالسابي، ثم بلغ، واعترف بالكفر هل يقبل؟
قال: "وإن قتل اللقيط عمداً، فللإمام أن يقتص من القاتل إن رأى ذلك، وله أن يأخذ الدية إن رأى ذلك" أي: سواء كان القاتل عبداً أو حراً، صدق على حرية اللقيط وإسلامه أو كذب؛ لأنه محكوم بإسلامه وحريته، ولا وارث له؛ فكان حق القصاص للمسلمين، ولنائبهم- وهو الإمام- العمل بما فيه المصلحة، وهذا هو المذكور في كتب العراقيين، وبه قطع بعض الأصحاب كما حكاه أبو الفرج