للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها، ولا يجب الإنفاق من غير أموالهم، وإنما أضيفت إلى المخاطبين؛ لأنها الجنس الذي جعله الله قياماً للناس، ونظيره قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤] أي: ليقتل بعضكم بعضاً، ولأن الحجر إنما يثبت للحاجة إلى حفظ المال، وهي باقية؛ فوجب أن يبقى.

واعلم أن ظاهر كلام الشيخ يقتضي أن الحجر الأول هو المستدام، وليس كذلك؛ بل الأول كان للصِّبا وقد زال بالبلوغ، وخلفه حجر السَّفَه، وبين الحجرين كما قلنا تفاوت، لكن لما اتصل السفه [بالصِّبا] كان بمثابة تمادي الصِّبا؛ ولهذا كان الناظر عليه في هذه الحالة من كان ناظراً في حال الصبا من أب، أو جد، أو وصي، أو حاكم، وإن كان النظر على السفيه يختص بالحاكم، وحكم الجنون إذا اتصل بالصبا حكم السفيه المتصل به.

قال: ولا يجوز بيعه ولا نكاحه، أي: بغير إذن الولي لماكن الحجر عليه، وإذا امتنع بيعه فكتابته وعتقه وهبته أولى بالامتناع، ولا فرق في ذلك بين أن يصدر في الصحة أو في مرض الموت، وفي "الحاوي" حكاية وجه في نفوذ عتقه في مرض موته؛ تغليباً لحجر المرض على حجر السفه، ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون قد بلغ في موضع فيه حاكم، أو له أب أو جد [أو وصي، أو في موضع لا حاكم فيه ولا أب [له] ولا جد] ولا وصي.

وذكر الشيخ أبو علي في "شرح التلخيص" وجهاً عن بعض الأصحاب في الصورة الثانية: أن تصرفه ينفذ إلى أن يلحقه نظر والٍ: فيضرب عليه حجراً حينئذ. وهذا ما حكاه في "الاستقصاء" عن القفال في "شرح التلخيص".

وقد يؤخذ من قول الشيخ في باب الإقرار: من لم يحجر عليه يجوز إقراره، وحكم شراء السفيه شيئاً [ثمن في ذمته] حكم بيعه على الأصح.

وفيه وجه: أنه يصح كالعبد، وقد نسب هذا الوجه إلى الشيخ أبي حامد. قال

<<  <  ج: ص:  >  >>