للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجارية، قال القاضي أبو الطيب: تختبر بأن يُدفع إليها شيء من الحمال، ويجعل نساء ثقات تستوفين عليها: فإن غزلت واستغزلت ونسجت واستنسجت ولم تبذر فرشيدة، وإلا فلا. وفي "تعليق" القاضي الحسين: أنها تختبر بمعاملة محارمها والنسوان، وتؤمر بالتصرف في القطن والغزل وغيرهما من آلة النساء: والكل متقارب.

قال: وإما قبل البلوغ أو بعده. هذا الكلام من الشيخ فيه إشارة إلى ذكر خلاف حكاه الأصحاب وجهين في وقت الاختبار:

أحدهما: أن وقته بالتجارة – كما قيده في "الاستقصاء" – بعد البلوغ؛ لأن البيع والشراء لا يصح من الصبي، وكان قائله يرى صحة بيع السفيه بإذن الولي.

والثاني –وهو الأظهر -: أنه قبل البلوغ؛ لقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] [فجعل غاية الابتلاء – وهو الاختبار – بلوغ النكاح]، فدل على أنه يكون قبله، ولأنه لو كان بعد البلوغ أدى ذلك إلى أن يحجر على البالغ الرشيد إلى أن يختبر، وهذا لايجوز وعلى هذا فاختباره يكون بما ذكرناه من مقدمات البيع والشراء، وإذا آل الأمر إلى العقد باشره الولي.

وقيل: الولي يبتاع سلعة له ويواطئ بائعها في بيعها منه، ثم يأمر الصبي بأن يعاقد عليها بعد المساومة.

وقيل: يأذن له في المعاقدة مع المساومة، ويصح عقده للضرورة.

والذي حكاه الجمهور: ذكر الخلاف في وقت الاختبار من غير تقييده باختبار التجارة، والأول أقرب.

وعلى كل حال: فلو تلف المال المدفوع إلى الصبي بسبب الاختبار فلا ضمان على الولي.

قال: فإن كان سفيهاً في دينه أو ماله استديم الحجر عليه؛ لأن الله تعالى علق دفع المال إليه بشرطين: البلوغ، وإيناس الرشد، وكما لا يرتفع عنه الحجر إذا رشد قبل البلوغ لا يرتفع عنه إذا بلغ غير رشيد، وقد قال تعالى: {وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً} [النساء: ٥] وأراد بها أموال السفهاء، بدليل أمره بالإنفاق عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>