ولا نزاع في جواز الفسخ باللفظ الصريح كقوله: فسخت البيع، ونقضته، ورفعته، ولو قال: رددت الثمن، فوجهان، أصحهما: الاكتفاء به، وهل يجوز بالفعل كما في خيار المجلس؟ فيه وجهان:
أصحهما في "الحاوي": المنع.
ولو حكم حاكم بمنع الرجوع، قال الإصطخري: نقض حكمه. واختار الشيخ في "المهذب" لنفسه أنه لا ينقض، وهو ما حكاه في "المرشد".
أما إذا كان البيع صدر بعد فلسه، ففي ثبوت خيار الرجوع [فيه] وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه باعه قبل وقت الفسخ، فلم يسقط حقه من الفسخ؛ كما لو تزوجت المرأة بمعسر بالنفقة.
والثاني: لا؛ لأنه باعه مع العلم بخراب الذمة؛ فسقط خياره، كما لو اشترى سلعة يعلم بعيبها.
هكذا عللهما في "المهذب".
وقد تفهم علة الأول: أن محل الخلاف ما إذا باع منه قبل الحجر وبعد الفلس؛ لأن بالحجر يثبت حق الرجوع، أما إذا كان بعد الحجر فلا رجوع وجهاً واحداً؛ لأن البيع جرى بعد وقت الفسخ، وعلى ذلك جرى مجلي، وليس كذلك، بل الخلافُ جارٍ وإن وقع البيع بعد الحجر، صرح به الإمام والرافعي وغيرهما، وقد بين صاحب "الاستقصاء" قوله: لأنه باعه قبل الفسخ [بأن الفسخ يثبت لأجل تعذر الثمن، وهو لا يستحق الثمن إلا بالبيع؛ فلم يسقط حقه من الفسخ قبل وقت الفسخ.
وعلة الثاني: أنه إذا كان جاهلاً بفلسه، أن له الخيار وجهاً واحداً، كما صرح به في "الاستقصاء"، وليس كذلك؛ بل قد أجرى الإمام وغيره الخلاف فيه، والظاهر من المذهب: أنه يثبت؛ كما أن الظاهر عند العلم عدم الثبوت]، وهو الذي يقتضيه قياس ما جزم به ابن الصباغ وغيره فيما إذا باع عبدٌ شيئاً بغير إذن سيده، وصححناه: أن له أن يرجع في المبيع قبل أن ينزعه السيد منه، وفي "التتمة" ما يقتضي أن الظاهر في حال الجهل عدم الثبوت، فإنه حصل أصل الخلاف في هذه الصورة الخلافُ