وهذا القول أجراه الإمام والبغوي في بدل الخلع والصلح عن دم العمد، وجعله الماوردي وجهاً مخرجاً في الصداق وبدل الخلع من القول بأنهما إذا تلفا رجع بقيمتهما، وخصه القاضي الحسين في التعليق في دم العمد إذا قلنا: إن موجبه القود عيناً أو أحد الأمرين وصرح بالمصالحة عن القود.
أما إذا صرح بالمصالحة عن الدية فلا يجوز التصرف فيه إن جوزنا مثل هذا الصلح؛ لأنه مملوك بمعاوضة. أو قال: صالحتك عن موجب هذا القتل وصححنا هذا الصلح، وهو الأظهر، فلا يجوز أيضاً التصرف فيه قبل القبض احتياطاً على المذهب.
وفي الاشتراك والتولية وجه حكاه الشيخ أبو علي عن بعض الأصحاب – كمذهب مالك -: أنه يجوز.
ولا فرق فيما ذكرناه بين ما بيع مكايلة أو موازنة أو غيرهما.
وفي "تعليق" القاضي الحسين: أن في حرملة حكاية عن الشافعي في الكبير أن بيع المبيع قبل القبض جائز، إلا ما بيع مكايلة أو موازنة، فإنه لا يجوز بيعه قبل الكيل والوزن عليه.
ولا بين أن يكون قد صدر من البائع أو غيره كما تقدم ذكره على الصحيح من الوجهين.
ومحلهما إذا كان المثمن من جنس آخر أو أقل أو أكثر من الأول – وإن كان مثل الأول – ففيه خلاف مرتب على الصورة الأولى، وأولى بالجواز.
قال القاضي الحسين: ويرجع حاصل [هذا] الخلاف إلى أن الاعتبار باللفظ أو بالمعنى، فإن اعتبرنا اللفظ أجرينا الخلاف السابق، وإن اعتبرنا المعنى، جوزناه هاهنا، لأن هذا العقد معناه الإقالة، وهذا ما حكاه في "التتمة"، وسيأتي مثله عن ابن سريج في كتاب "السلم"، إن شاء الله تعالى,
ولا يستثنى من ذلك إلا إذا اشترى من مورثه شيئاً ولم يقبضه، ثم مات المورث، فإنه إن استوعب ميراثه، صح بيعه قبل قبضه؛ لأنه صار في يده شرعاً، سواء كان على المورث دين أو لم يكن.
فإن انتقل إليه نصفه مثلاً ملك التصرف في نصف المبيع.