للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبنا حشوتها، فقد تتحرك بعد ذلك، فإن كان إبانة الحشوة مذففاً كقطع الحلقوم والمريء، فلا وجه للاعتماد على الحركة وفقدها، بل المعتبر في الحل ألا ينتهي الحيوان قبل القطع إلى حركة المذبوح، ويكفي ظهور ذلك على طريق العلم أو الظن بعلامات دلت عليه، سواء كانت تدخل تحت الوصف أو لا، بل تدرك بقرائن الأحوال التي لا يضبطها الوصف: كعلامات الخجل والغضب والوجل، فإن وقع في ذلك شك، ففيه ما سنذكره من بعد، إن شاء الله تعالى.

والقائلون بصحة نقل المزني- وهم العراقيون- اختلفوا: لم اعتبر الشافعي- رضي الله عنه- الحركة هاهنا؟ فمنهم من قال: لأنه وجد منه فعلان:

أحدهما: تتعلق به الإباحة.

والآخر: يتعلق به الحظر؛ فاعتبرت الحركة؛ للفصل بين أثر الفعلين.

وقال أبو إسحاق: الظاهر: أن الحيوان إذا قطع رأسه من قفاه، لا يبقى فيه حياة مستقرة قبل قطع الحلقوم، فإذا لم يتبين ذلك بوجود الحركة، وجب التحريم بحكم الظاهر، وسيأتي الكلام في بقية ما قيل في تفسير الحياة المستقرة وأمور أخر تتعلق بما نحن فيه، فليطلب من بعد، إن شاء الله تعالى.

وقد عد من المستحبات في الذبح أن يساق ما يذبح إلى المذبح سوقاً رفيقاً، ويعرض عليها الماء قبل الذبح خوفاً من عطشها المعين على تلفها، وليكون ذلك أسهل عند سلخها وتقطيعها، ولا يعرض عليها العلف؛ لأنها لا تستمرئه إلى حين الذبح فيكثر به الفرث، وإلا يحد [الشفرة] في وجهها، وإلا يذبح بعضها في وجه [بعض؛] لورود الأثر فيه.

قال: وإن علم جارحة أي: من كلب أو فهد أو بازي ونحوها؛ بحيث إذا أغراه على الصيد- أي: أرسله إليه- طلبه، وإذا أشلاه استشلى، أي: إذا استدعاه أتى، وإذا أخذ الصيد أمسكه على صاحبه، أي: فلا يأكل منه، وخلَّى بينه وبينه، أي: من غير أن يهر في وجهه، ثم أرسله من هو من أهل الذكاة، فقتل الصيد بظفره أو نابه، أي: وما في

<<  <  ج: ص:  >  >>