للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتفي بكون الحياة مستقرة فيما إذا ابتدأ القطع من مقدم العنق عند قطع الحلقوم خاصة أيضاً، وعليه ينطبق قول الإمام في [مسألتنا]: إن الحياة لو كانت مستقرة [عند الشروع] في قطع المريء والحلقوم، يحل وإن لم توجد عند تمام قطعهما؛ إذا وجد الإسراع على النسق المعتاد، فإنا لو قلنا بالتحريم، لم يأمن أن يتوجه مثل هذا التقدير من غير قطع يتقدم الأخذ في فري المذبح، لكن الذي حكاه المزني عن الشافعي- رضي الله عنه- في "المختصر": أنها إن تحركت بعد قطع رأسها أكلت وإلا لم تؤكل.

وفسر البندنيجي وجمهور الأصحاب ذلك بأن الشافعي قال: إنما تعلم الحياة المستقرة بشدة الحركة، فإن كانت الحركة شديدة بعد قطع الرقبة؛ فالحياة مستقرة، وإن لم يكن هناك حركة؛ فليس هناك حياة وهذا يقتضي اعتبار استقرار الحياة بعد قطع جميع الرأس، وهذا ما أورده الماوردي.

وقد أنكر القاضي الحسين صحة ما نقله المزني، وقال: إنما قال الشافعي- رضي الله عنه-: "لو ذبحها من قفاها أو إحدى صفحتي عنقها، ثم لم يعلم متى ماتت؟ لم يأكلها حتى يعلم، فإن علم أنها حييت بعد قطع القفا أو إحدى صفحتي العنق، حتى وصل بالمدية إلى الحلقوم والمريء وقطعهما وهي حية- أكلت، وإن كان مسيئاً بالجرح الأول؛ كما لو جرحها، ثم ذكاها، وكما لو جرحه السبع أو غيره، ثم ذكى، وكان فيه حياة- حلَّ؛ وهذا يقتضي أيضاً اعتبار الحياة بعد قطع الرأس.

وكلام الغزالي يقتضي اعتبار استقرار الحياة إلى انتهاء ما يجب قطعه في الذكاة، وهو موافق لما دل عليه ظاهر النص، بل يتعين حمل النص عليه، وبذلك يحصل في المسألة ثلاثة احتمالات.

وقد حكى الإمام: أن صاحب "التقريب" اعترض على المزني وجمهور الأصحاب فيما ذكروه محقاً، فقال: لا تعويل على التحريك بعد قطع المذبح؛ بدليل أن الشاة التي لا آفة بها إذا قطعنا منها الحلقوم والمريء، وأخذت في الاضطراب الشديد لو

<<  <  ج: ص:  >  >>