قلت: وهذا القياس منه يقتضي تصوير محل هذا الوجه بما إذا قال: "لله علي أن أضحي بهذه الشاة"، أو "أهديها".
وقد حكاه القاضي الحسين أيضاً في هذه الصورة، وحكى وجهاً في مسألة العتق المقاس عليها:"أنه يزول الملك فيها أيضاً".
ووجهاً ثالثاً- وهو المشهور-: أن الملك في مسألة الأضحية [والهدي يزول، وفي مسألة العتق لا يزول. وفرق بأن الأضحية] إلزام قربة لله تعالى في عين لمن هو أهل للملك، وهم المساكين، فنقل ملكه؛ كما لو قال:"وقفت هذه الدار على المساكين"، أو "تصدقت بهذه الدراهم عليهم"، بخلاف العبد؛ فإنه التزام قربة لله تعالى في عين لمن ليس من أهل الملك في الحال، بل يصير به مالكاً، فهو كأم الولد.
فإن قلت: إذا كان محل الخلاف مصوراً بما ذكرتم، فالخلاف مذكور في "الوسيط" وغيره- كما ستعرفه- في أن من قال:"لله علي أن أضحي بهذه الشاة"، هل تتعين أم لا؟
قلت: الذي يظهر أن هذا الخلاف مفرع على القول بالتعيين، ويدل عليه أن القاضي الحسين ادعى بعد حكاية الخلاف المذكور أن الأضحية لو غصبت، وركبت، كانت أجرتها مصروفة للمساكين، بلا خلاف، وهذا يدل على التعيين، والله أعلم.
فإن قيل: من زال ملكه عن الشيء لا يملك بيعه، فما فائدة قول الشيخ:"ولم يجز بيعها"، بعد قوله:"زال ملكه عنها"؟
قلنا: له فوائد:
منها: أن الخصم- وهو أبو حنيفة- قال:"لا يزول الملك، ويجوز البيع"، فأراد أن يذكر عن المذهب ما يخالفه.