والثاني: يجزئ؛ لأن إراقة دم الأضحية في أيام النحر قد حصل بما أكل، وإنما هذا بدل في الإطعام دون الإراقة، فجاز في غير أيام النحر.
وهل يجوز أن يأكل من لحم البدل إذا ذبحه في أيام النحر أو غيرها؟ فيه الوجهان في الأكل من الأضحية المنذورة.
قال: ومن نذر أضحية معينة، زال ملكه عنها؛ لأنه تقرب بما لو أتلفه ضمنه، فزال ملكه عنه، كالمعتق.
واحتزرنا بقولنا:"إنه تقرب بما لو أتلفه ضمنه" عما إذا قال: "لله علي أن أعتق هذا العبد"، فإنه لا يزول ملكه عنه، إذ لو أتلفه لم يضمنه، وإن كان لا يجوز له بيعه؛ لأن العبد هو المستحق لذلك؛ فلا يضمن بغيره.
قال: ولم يجز بيعها؛ لما روى أبو داود، قال: أهدى عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- بختيَّة، فأعطى بها ثلاثمائة دينار، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، إني أهديت بختية، فأعطيت بها ثلاثمائة دينار أفأبيعها، وأشترى بثمنها بدنا؟ قال:"لا، انحر إياها".
والبخت من الإبل: طوال الأعناق، بلا غلظ، ذوات سنامين، الواحد: بختي، والأنثى: بختية، والجمع: بخاتي، والأضحية كالهدي.
وقد روى عن علي- كرم الله وجهه- أنه قال:"من أوجب أضحية، فلا يستبدل بها".
وعن شرح الفروع للشيخ أبي علي حكاية وجه آخر: أنه لا يزول الملك عنها، وكذا في الهدي المعين، حتى يذبحه، ويتصدق باللحم؛ كما لو قال:"لله علي أن أعتق هذا العبد"، لا يزول ملكه [عنه] إلا بإعتاقه.