ويجوز أن يقال: إنما كان ذلك؛ لأنه تابع فلا يجزئ هنا.
وأما الذي يحصل به تأدية المستحب من الأكل والتصدق فيه ما ذكره الشيخ، وهو قوله:"والمستحب أن يأكل الثلث، ويتصدق بالثلث، ويهدي الثلث في أحد القولين؛ لقولهت تعالى:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ}[الحج: ٢٨]، فذكر ثلاثة أصناف فاقتضى أن يكون أثلاثاً بينهم، والقانع: الذي يسألك، والمعتر: الذي يتعرض لك بالسؤال؛ قاله الحسن.
وقال مجاهد: القانع: الجالس في بيته، والمعتر: الذي يسألك. وهذا القول نص عليه في "البويطي"، وهو المنسوب إلى الجديد، وهو الصحيح؛ وعلى هذا ما المراد بالذي يهدي إليهم الثلث؟
قال في "البحر": إنهم المتجملون، أي: من الفقراء، وعليه يدل تفسير القانع والمعتر.
وعلى هذا يكون المستحب أكل الثلث، والتصدق بالثلثين؛ وهو ما حكاه القاضي أبو الطيب عن الجديد، وصححه.
وقال القاضي الحسين: إنه قيل: إنهم الأغنياء، وهو الذي يوافق كلام الماوردي وغيره، وكلام الشيخ الآتي من بعد.
وقال الإمام: إنه لو وهب من غنى شيئاً من الضحية هبة تمليك حتى يتصرف فيها المتهب بالبيع وما يراه- فالذي يظهر لنا أن ذلك ممتنع؛ فإن الهبة ليست صدقة، والضحية ينبغي أن تكون مردودة بين التطعم والإطعام، وبين الصدقة، وإن الأغنياء ضيفا الله تعالى على لحوم الأضاحي، فالضيف لا يهب، ولكن يطعم.
وقال الرافعي: إن الشيخ أبا حامد قال: يأكل ثلثاً، ويتصدق بثلث، ويهدي إلى الأغنياء والمتجملين ثلثاً، وإنه لو تصدق بالثلثين كان أحب.
وحكى القاضي الحسين وجهاً آخر: أن القول الجديد: أنه يستحب أن يأكل الثلث، ويدخر الثلث، ويتصدق بالثلث؛ لقوله- عليه السلام-: "كلوا وادخروا وتصدقوا".