للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخامس: أن التحلل واجب، وهو ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه "قوموا فانحروا، ثم احلقوا".

وقد أفهمه قول أبي الطيب أيضاً حيث قال عقيب ذكره هذا الخبر وهذا إنما يجب للتحلل، فدل على أن التحلل واجب، وكلام الأصحاب دال على أنه غير واجب؛ كما سنذكره، بل صرح القاضي أبو الطيب من بعد، والبندنيجي، وغيرهما بأنه ليس بواجب.

السادس: أنه لا فرق في جواز التحلل بين أن يكون الوقت ضيقاً أو واسعاً، وقد أحصر عن الوقف وهو مقتضى الآية، وعليه يدل فعله عليه السلام؛ فإنه حيث أحصر وتحلل، كان محرماً بعمرة، وهي لا تفوت.

وما اقتضاه كلام الشيخ هو ما صرح به الأصحاب، وقالوا: إن كان الوقت واسعاً، فالمستحب له البقاء على إحرامه، وإن كان ضيقاً، فالمستحب له أن يتحلل، كي لا يلزم نفسه ما قد يشق عليه فعله، فإنه إذا لم يتحلل حتى فاته الوقت، لزمه القضاء؛ كما قال العراقيون قولاً واحداً وإن كان في طريق المراوزة حكاية قولين فيه.

وقال الرافعي: إنها أظهر الطريقين، ويلزمه- مع القضاء، أو دونه [إذا زال] الإحصار قبل التحلل: الطواف، والسعي، ودم الفوات.

وإن لم يزل الحصر، وجب عليه دم الفوات، ودم الإحصار.

وفي "الحاوي": أن ما ذكرناه من استحباب البقاء على الإحرام والتحلل منه مصور بما إذا كان يتحقق زوال الحصر بعد مدة لا يمكنه بعدها إدراك عرفة، وكان يرجو زواله قبل ذلك، فلو كان يتحقق أنه لا يزوال إلا بعد الفوات، فالأولى له التحلل في الحال بكل حال.

وكلام البندنيجي الذي حكاه عن نصه في "الأم" عند الكلام في الحصر الخاص يوافق [ذلك] وإن كان يتحقق [زوال الحصر قبل فوات وقت الوقوف، ويمكنه من الإدراك، لم يجز له التحلل.

وقال فيما إذا كان قد أحرم بالعمرة: إن تحقق زوال الحصر بعد يومين أو ثلاثة، لم

<<  <  ج: ص:  >  >>