والله تعالى يقول:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨]
وقال عليه السلام:"بعثت بالحنيفية السهلة السمحة".
وقد اقتضى كلام الشيخ- رحمه الله- أموراً:
أحدها: أنه لا فرق في الحصر المرتب عليه ما ذكره بين أن يكون عن باقي أفعال الحج من الوقوف، والطواف، والسعي، أو عن بعضها، ولو بعد فوات الوقوف؛ فإنه يجب عليه كما تقدم التحلل بأفعال عمرة، أو عن الطواف والسعي في العمرة، وهو مقتضى الآية أيضاً، وبه قال أصحابنا، واستدلوا على من خالفهم بالآية كما تقدم.
وقالا لإمام حكاية عن ابن سريج فيما إذا تحلل بعد فوات الوقوف: إنه يلزمه دم الفوات ودم الإحصار، ثم أشار إلى اتجاه إجراء خلاف سبق مثله فيما إذا قرن، ثم أفسد الحج، هل يندرج دم القران تحت دم الفساد؛ لأنه لم يستفد من تخفيف القران أمراً إذا أفسد عليه.
ثم قال: ولست أرى لمخالفة ابن سريج وجهاً.
الثاني: أنه لا فرق في العدو وهم مشركون بين أن يكون منعهم بسبب قطع الطريق أو غيره، كما هو مقتضى الآية أيضاً بل مقتضاها أنه لا فرق في المانع بين أن يكون كافراً، أو مسلماً، أو سلطاناً، أو غيره، لإطلاقها، وإن كانت قد وردت على سبب خاص، وهو صد المشركين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البيت؛ كما تقدم لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد قال به الأصحاب، واستدلوا مع ذلك بما روي [أن] ابن عمر خرج إلى مكة للعمرة في زمن الفتنة، فقال:"إن أحصرنا صنعنا كما صنعنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".
قال الشافعي: معناه: أحللنا كما أحللنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وبالقياس: فإن المحصر بقطاع الطريق، أو بطلب الضرائب، أو بغيرهما مصدود عن البيت، فجاز له التحلل، كالمحصر بالمشركين.