ومنها: مال المفلس إذا حجر عليه، وقلنا: إن الدين لا يمنع وجوب الزكاة، فإن فرق بين غرمائه، أو لم يفرق لكنه عين لكل واحد عيناً من ماله، ولم يقبضوا بعد- فلا زكاة عليه، قال في "التتمة": لأن ملكه ضعف بتسليط الحاكم غريمه على أخذه بحقه، وقال ابن الصباغ، تبعاً للقاضي أبي الطيب: لأنه زال ملكه عن ماله، وإن كانوا [ما] قبضوه؛ فصار كالمشتري يملك العين بالشراء قبل قبضها، وهذا محمول على ما إذا قال لكل واحد منهم: قد جعلت لك بدينك العبد الفلاني، أو الثوب الفلاني الذي قد عرفته، فقبل كل واحد منهم ذلك كما قال الماوردي وإلا فمجرد التعيين لا يفيد الملك.
وإن لم يفرق ماله ولا عينه، فهل تجب الزكاة فيه؟ فيه طرق:
إحداها: أن فيه قولي المغصوب والضال، وهي التي حكاها الماوردي لا غير.
والثانية- قالها أبو إسحاق-: إن كان ماشية، وجبت الزكاة، وإلا فهو كالمغصوب؛ لأن الحجر يمنع نماء غير الماشية، ولا يؤثر فيها، كذا حكاه القاضي أبو الطيب والبندنيجي عنه.
وحكى ابن الصباغ عنه أنه قال: إن كان ماشية لم يمنع من الوجوب وإلا وجبت، وإذا صح ذلك كان طريقة ثالثة.
والرابعة- قالها في "الإفصاح"-: القطع بالوجوب ماشية كانت أو غير ماشية؛ لأن الحجر عليه لا يمنع من وجوب الزكاة، كالحجر على السفيه.
قلت: وهو الذي لا يتجه غيره؛ لأن التفريع على الجديد والجديد كما تقدم وجوب الزكاة في المال المغصوب والضال ماشية كان أو غير ماشية.
والذي اختاره القاضي أبو الطيب: الطريقة الأولى، وادعى البندنيجي أنها المذهب؛ لأن الماشية وإن كانت نامية إلا أنه يحول بينه وبينها، وأما السفيه فنائبه يتصرف عنه في ماله، ولا كذلك المفلس، وقال الفوراني: الصحيح أن فيه [قولاً واحدا]: أنه لا تجب عليه الزكاة في ذلك المال، وهذه طريقة خامسة.
ومنها: المال المرهون هل تجب الزكاة فيه؟ فيه طريقان حكاهما القاضي