للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لغيت"، وهي لغة أبي هريرة.

قال: فإن تكلم، أي: الذي يسمع الخطبة والذي لا يسمعها؛ لبعد أو صمم- كما صرح به الماوردي، وغيره- لم يأثم في أصح القولين.

هذان القولان يعبر عنهما كثير من الأصحاب بأنه: يجب الإنصات إلى سماع الخطبة أم لا؟

أحدهما: لا؛ لأنه- عليه السلام- كان يخطب، فدخل داخل، فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ فأشار إليه الناس: أن اسكت، فكرر ذلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم عند الثالثة: "ما أعددت لها؟ " فقال: ما أَعْدَدْتُ لها شيئاً غير أني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحبَّ".

وجه الدلالة منه: أنه لم ينكر عليه، ولو كان يجب عليه الإنصات، ويأثم بتركه بالكلام، لأنكر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك.

وكذا لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الذي سأله الاستسقاء وهو يخطب.

قال الماوردي: ولأنه لو كان الإنصات لها واجباً، لكان إبلاغها برفع الصوت بها واجباً؛ فلما لم يجب على الإمام إبلاغها، لم يجب على المأمومين الإنصات لها.

[و] لأنها عبادة لا يفسدها الكلام؛ فوجب ألا يحرم فيها؛ كالطواف والصيام؛ وهذا ما نص عليه في "الأم"، واشتهر في الطرق أنه الجديد.

ومقابله: أن الإنصات واجب، ويأثم المتكلم؛ نص عليه في القديم و"الإملاء"؛ لخبر أبي هريرة السابق؛ فإن اللاغي آثم؛ قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>