للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ابن تيمية رحمه الله تعالى، فقد ترددت النقولات عنه، بين الجواز، والكراهة، نرى ذلك من خلال الفتاوى؛ ففي الفتاوى ما نصه: "وسئل رحمه الله عن رجل ركاض يسير في البلاد، في كل مدينة شهراً، أو شهرين، ويعزل عنها، ويخاف أن يقع في المعصية، فهل له أن يتزوج في مدة إقامته في تلك البلدة؟ وإذا سافر طلقها، وأعطاها حقها، أو لا؟ وهل يصح النكاح أم لا؟

فأجاب رحمه الله تعالى:

له أن يتزوج، لكن ينكح نكاحاً مطلقاً، لا يشترط فيه توقيتاً، بحيث يكون إن شاء أمسكها، وإن شاء طلقها، وإن نوى الطلاق حتماً عند انقضاء سفره، كره في مثل ذلك، وفي صحة النكاح نزاع" (١)؛ فنحن نرى في هذا النص تصريح بالكراهة، لكنه تكلم بعد هذا الموطن بما يفيد الجواز مع عدم الكراهة، قائلاً: "وأما نكاح المتعة إذا قصد أن يستمتع بها مدة، ثم يفارقها، مثل المسافر إلى بلد يقيم به مدة، فيتزوج وفي نيته إذا عاد إلى وطنه أن يطلقها، ولكن النكاح عقده عقداً مطلقاً، فهذا فيه ثلاثة أقوال في مذهب أحمد، قيل هو نكاح جائز، وهو اختيار أبي محمد المقدسي، وهو قول الجمهور، وقيل هو نكاح تحليل لا يجوز، وروي عن الأوزاعي، وهو الذي نصره القاضي وأصحابه في الخلاف، وقيل هو مكروه وليس بمحرم، والصحيح أن هذا ليس بنكاح متعة ولا يحرم." (٢) فبهذا يكون ابن تيمية رحمه الله تعالى له في المسألة قولان: الأول: قول بالكراهة الثاني: قول بالجواز مع عدم الكراهة، والله أعلم.


(١) مجموع الفتاوى ٣٢/ ١٠٦ وما بعدها.
(٢) المصدر السابق ٣٢/ ١٤٧.

<<  <   >  >>