للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١. قالوا: لأنّا لو أوقعنا الطلقة الّتي نجزها، للزمنا أن نوقع ثلاثًا قبلها، ولو وقعت الثلاث قبلها، لامتنع وقوع هذه المنجّزة، وإذا امتنع وقوعها امتنع وقوع الثلاث قبلها، وهذا دور (١).

إذ لو وقع المعلق يقع المنجز، فكان وقوعه يستلزم عدم وقوعه، فلا يقع (٢).

ونوقش:

أولًا: "بأن هذا غير مسلَّم؛ فإنَّ قولهم: لو وقع المنجز لوقع المعلق. إنما يصح لو كان التعليق صحيحًا؛ فأما إذا كان التعليق باطلًا لا يلزم وقوع التعليق.

والتعليق باطل؛ لأن مضمونه وقوع طلقة مسبوقة بثلاث ووقوع طلقة مسبوقة بثلاث باطل في دين المسلمين.

ومضمونه أيضًا إذا وقع عليك طلاقي لم يقع عليك طلاقي، وهذا جمع بين النقيضين؛ فإنه إذا لم يقع الشرط لم يقع الجزاء.

وإذا وقع الشرط لزم الوقوع فلو قيل: لا يقع مع ذلك لزم أن يقع ولا يقع، وهذا جمع بين النقيضين.

وأيضًا فالطلاق إذا وقع لم يرتفع بعد وقوعه، فلما كان كلام المطلق يتضمن محالًا في الشريعة - وهو وقوع طلقة مسبوقة بثلاث - ومحالًا في العقل وهو الجمع بين وقوع الطلاق وعدم وقوعه: كان القائل بالتسريج مخالفًا للعقل والدين" (٣).

ثانيًا: إن القول بعدم إيقاع الطلاق الثلاث في هذه المسألة تشبه بنكاح النصارى


(١) "سمي بالدور لأنه دار الأمر بين متنافيين؛ لأنه يلزم من وقوع المنجز وقوع الثلاث المعلقة قبله، ويلزم من وقوع الثلاثة قبله عدم وقوعه، فليس المراد الدور المصطلح عليه في علم الكلام، وهو توقف كل من الشيئين على الآخر فيلزم توقف الشيء على نفسه وتأخره إما بمرتبة أو مرتبتين". حاشية ابن عابدين (رد المحتار) (٣/ ٢٢٩)
(٢) انظر: نهاية المطلب (١٤/ ٢٨٤)، الحاوي الكبير (١٠/ ٢٢٣)، مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٣/ ٢٤١)، إعلام الموقعين (٣/ ١٩٧).
(٣) مجموع فتاوى ابن تيمية (٣٣/ ٢٤١).

<<  <   >  >>